قالوا: فليس ذلك بشئ، ولا يلزمها، ولها استئناف الخيار إن أعتقت، وهم يقولون في عبد أو حر قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو قال: كظهر أمي.
فتزوجها القائل ذلك، فهي طالق وكظهر أمه، ويقولون في قائل قال: إن وكلني زيد بطلاق امرأته فلانة فهي طالق، فوكله زيد بطلاق تلك المرأة، إنها لا تكون طالقا إلا أن يحدث لها الوكيل طلاقا إن شاء، وإلا فلا، ويقولون في قائل قال: متى طلقت زوجتي أو قال: إن طلقت زوجتي هذه فهي مراجعة مني، فطلقها، قالوا: لا تكون مراجعة بذلك، إلا أن يحدث لها رجعة إن شاء.
قالوا: ومن باع جارية على أن تعتق فذلك جائز لازم، قالوا: فإن باعها على أن لا تباع، قالوا: لا يجوز ويفسخ البيع إلا أن يرضى البائع إسقاط الشرط فيتم البيع ويسقط الشرط. وقالوا: ومن باع بثمن مجهول فسخ البيع، فإن باع نصف جارية له من زيد، واشترط على المشتري نفقتها سنة، قالوا: إن كان ذلك ثابتا في الحياة والموت جاز الشرط، وليس في الثمن المجهول أكثر من هذا لاختلاف الشبع، وتناول النفقة في الصحة والمرض، قالوا: ومن باع سلعة بثمن مسمى على أن يتجر له في ثمنها سنة، فلا بأس بذلك، إذا كان ذلك ثابتا عليه إن تلف الثمن أخلف مكانه غيره، وهم لا يجيزون القراض إلى أجل.
قالوا: من عرف كيل صبرة له من طعام، فابتاعها منه مبتاع جزافا وقال له المشتري: ما أبالي عرفت أنت أيها البائع كيلها أم لم تعرف، فتبايعنا على ذلك، قالوا: فلا يلزم هذا الشرط المشتري، وله أن يرد إن شاء، قالوا: فلو لم يعلم البائع كيلها فباعها جزافا قالوا: فذلك للمشتري لازم ولا رد له.
وتناقضهم فيما يلزمونه من العقود والشروط، وما لا يلزمونه منها، أكثر من أن يحصى أو يحاط به إلا في المدة الطويلة، وفيما ذكرنا كفاية لمن عقل، والحنفيون مثلهم في ذلك، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فلما قام البرهان بكل ما ذكرنا، وجب أن كل عقد أو شرط أو عهد أو نذر التزمه المرء فإنه ساقط مردود، ولا يلزمه منه شئ أصلا، إلا أن يأتي نص أو إجماع على أن ذلك الشئ الذي التزمه بعينه واسمه لازم له، فإن جاء نص أو إجماع بذلك لزمه وإلا فلا، والأصل براءة الذمم من لزوم جميع الأشياء