الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٢٤
قالوا: فليس ذلك بشئ، ولا يلزمها، ولها استئناف الخيار إن أعتقت، وهم يقولون في عبد أو حر قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، أو قال: كظهر أمي.
فتزوجها القائل ذلك، فهي طالق وكظهر أمه، ويقولون في قائل قال: إن وكلني زيد بطلاق امرأته فلانة فهي طالق، فوكله زيد بطلاق تلك المرأة، إنها لا تكون طالقا إلا أن يحدث لها الوكيل طلاقا إن شاء، وإلا فلا، ويقولون في قائل قال: متى طلقت زوجتي أو قال: إن طلقت زوجتي هذه فهي مراجعة مني، فطلقها، قالوا: لا تكون مراجعة بذلك، إلا أن يحدث لها رجعة إن شاء.
قالوا: ومن باع جارية على أن تعتق فذلك جائز لازم، قالوا: فإن باعها على أن لا تباع، قالوا: لا يجوز ويفسخ البيع إلا أن يرضى البائع إسقاط الشرط فيتم البيع ويسقط الشرط. وقالوا: ومن باع بثمن مجهول فسخ البيع، فإن باع نصف جارية له من زيد، واشترط على المشتري نفقتها سنة، قالوا: إن كان ذلك ثابتا في الحياة والموت جاز الشرط، وليس في الثمن المجهول أكثر من هذا لاختلاف الشبع، وتناول النفقة في الصحة والمرض، قالوا: ومن باع سلعة بثمن مسمى على أن يتجر له في ثمنها سنة، فلا بأس بذلك، إذا كان ذلك ثابتا عليه إن تلف الثمن أخلف مكانه غيره، وهم لا يجيزون القراض إلى أجل.
قالوا: من عرف كيل صبرة له من طعام، فابتاعها منه مبتاع جزافا وقال له المشتري: ما أبالي عرفت أنت أيها البائع كيلها أم لم تعرف، فتبايعنا على ذلك، قالوا: فلا يلزم هذا الشرط المشتري، وله أن يرد إن شاء، قالوا: فلو لم يعلم البائع كيلها فباعها جزافا قالوا: فذلك للمشتري لازم ولا رد له.
وتناقضهم فيما يلزمونه من العقود والشروط، وما لا يلزمونه منها، أكثر من أن يحصى أو يحاط به إلا في المدة الطويلة، وفيما ذكرنا كفاية لمن عقل، والحنفيون مثلهم في ذلك، وبالله تعالى التوفيق.
قال أبو محمد: فلما قام البرهان بكل ما ذكرنا، وجب أن كل عقد أو شرط أو عهد أو نذر التزمه المرء فإنه ساقط مردود، ولا يلزمه منه شئ أصلا، إلا أن يأتي نص أو إجماع على أن ذلك الشئ الذي التزمه بعينه واسمه لازم له، فإن جاء نص أو إجماع بذلك لزمه وإلا فلا، والأصل براءة الذمم من لزوم جميع الأشياء
(٦٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722