من النذور ما قد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإنفاذه باسمه، كالنذر في الجاهلية الذي أمر عليه السلام عمر بالوفاء به، فعكس هؤلاء القوم في أقوالهم الحق عكسا، ويقولون من باع بيعا فاشترط شروطا تفسده. فقال: أنا أسقط الشرط جاز ذلك وصح البيع. قالوا: فإن باع بيعا إلى أجل مجهول فقال: أنا أعجل الثمن وأسقط الاجل، قالوا: فذلك لا يجوز والبيع فاسد.
قالوا: ومن اشترى عبدا بشرط أن يعتقه، فذلك جائز لازم له ولا يرده بعيب يجده فيه، لكن يأخذ أرش العيب، قالوا: فإن أعتقه بشرط ألا يفارقه لم يجز ذلك. قالوا: ومن قال لآخر: بعني عبدك للعتق بأربعين دينارا. فقال:
لا بل بخمسين دينارا فأبى المشتري، فقال العبد لسيده: يعني منه بأربعين دينارا وأنا أعقد لك وأشرط لك على نفسي بالعشرة الدنانير الزائدة، وأشهد لك بذلك، فأجاب السيد إلى ذلك والتزم العبد العشرة الدنانير طائعا، وأشهد البينة على نفسه بذلك، فاشترى المشتري العبد فأعتقه، قالوا: لا يلزم العبد مما عقد على نفسه، وأشهد عليها به شئ أصلا، قالوا: فلو قال لعبده أنت حر وعليك خمسون دينارا - جاز ذلك ولزم العبد أن يؤديها شاء أم أبى. قالوا: ومن شارط عبده على أن يخدمه هذه السنة التي أولها شهر كذا ثم أنت حر والتزم العبد ذلك، فأبقى العبد تلك السنة كلها، قالوا: فهو حر ولا يلزمه من شرط الخدمة شئ، وقد ذكرنا قولهم في الشفعة.
وقالوا فيمن باع ثمر حائطه وشرط للمشتري على نفسه ألا يقوم بالجائحة إن أجيح فأجيح قالوا: لا يلزمه ذلك الشرط وله القيام بالجائحة، ثم قالوا في مريض شاور ورثته في أن يوصي بأكثر من ثلثه وهم في غير كفالته، فأجازوا له ذلك، فأوصى بأكثر من الثلث، ثم مات قالوا: يلزمهم ما التزموا ولا قيام لهم عليه.
قال أبو محمد: وهذا عكس الحقائق وإجازة ما لا يجوز، وتحليل ما حرم الله تعالى، وإبطال ما لا يجوز سواه وقالوا: لو تراضى المكاتب وسيده وتشارطا أن المكاتب متى فعل أمرا كذا فمحو كتابته بيد سيده، ففعل المكاتب ذلك الشئ، وأقر بفعله، أو قامت عليه بذلك بينة: قالوا: هذا شرط لا يلزم ولا يكون محو كتابته إلى سيده لكن إلى السلطان.