مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة يخبران خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية. وذكر الحديث، وفيه أن سهيلا كاتب النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يأتيه من المشركين أحد وإن كان على دين الاسلام إلا رده إلى المشركين - قالا: وجاءت المؤمنات مهاجرات فكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله أن يرجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل. حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن إسحاق، ثنا ابن الأعرابي، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن عبيد أن محمد بن ثور حدثهم، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية. فذكر الحديث وشرط قريش في رد من جاء مسلما إليهم وفيه: ثم جاء نسوة مهاجرات مؤمنات فنهاهم الله أن يردوهن وأمرهم أن يردوا الصداق.
قال أبو محمد: فإذا نسخ الله تعالى عهد نبيه عليه السلام وعقده وشرطه، فمن هذا الجاهل الذي يجيز هذا الشرط لاحد بعده، تبرأ إلى الله من ذلك.
قال أبو محمد: وهكذا القول في حديث أبي رافع أنه منسوخ ببراءة على أنه حديث ننكره، وإن كنا لا نعلم في سنده علة، ولكنا نعجب منه، لان أبا رافع كان مولى النبي صلى الله عليه وسلم مولى عتاقة، فكيف صار مع مشركي قريش رسولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزول براءة كان بعد إسلام جميع قريش وبعد حديث أبي رافع بلا شك.
قال أبو محمد: فلما لاح بكل ما ذكرنا أنه لا حجة في شئ مما ذكرنا لمن أجاز النذور والعقود والشروط والعهود على الجملة إلا ما عين بنص أو إجماع، على أنه لا يجوز منها، رجعنا إلى القول الثاني فوجدناه صحيحا، ووجدنا النصوص التي احتجوا بها مبينة مفسرة قاضية على هذه الجملة التي احتج بها خصومهم، وجدنا النصوص شاهدة بصحة قولهم. فمن ذلك نص النبي عليه السلام وهو الذي قال فيه الله تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فقال عليه السلام:
ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، شرط الله أوثق وكتاب الله أحق فصح بهذا النص.