الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦١٣
مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة يخبران خبر من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية. وذكر الحديث، وفيه أن سهيلا كاتب النبي صلى الله عليه وسلم على ألا يأتيه من المشركين أحد وإن كان على دين الاسلام إلا رده إلى المشركين - قالا: وجاءت المؤمنات مهاجرات فكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عاتق، فجاء أهلها يسألون رسول الله أن يرجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل. حدثنا عبد الله بن ربيع، نا محمد بن إسحاق، ثنا ابن الأعرابي، ثنا أبو داود، ثنا محمد بن عبيد أن محمد بن ثور حدثهم، عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن المسور بن مخرمة قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية. فذكر الحديث وشرط قريش في رد من جاء مسلما إليهم وفيه: ثم جاء نسوة مهاجرات مؤمنات فنهاهم الله أن يردوهن وأمرهم أن يردوا الصداق.
قال أبو محمد: فإذا نسخ الله تعالى عهد نبيه عليه السلام وعقده وشرطه، فمن هذا الجاهل الذي يجيز هذا الشرط لاحد بعده، تبرأ إلى الله من ذلك.
قال أبو محمد: وهكذا القول في حديث أبي رافع أنه منسوخ ببراءة على أنه حديث ننكره، وإن كنا لا نعلم في سنده علة، ولكنا نعجب منه، لان أبا رافع كان مولى النبي صلى الله عليه وسلم مولى عتاقة، فكيف صار مع مشركي قريش رسولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ونزول براءة كان بعد إسلام جميع قريش وبعد حديث أبي رافع بلا شك.
قال أبو محمد: فلما لاح بكل ما ذكرنا أنه لا حجة في شئ مما ذكرنا لمن أجاز النذور والعقود والشروط والعهود على الجملة إلا ما عين بنص أو إجماع، على أنه لا يجوز منها، رجعنا إلى القول الثاني فوجدناه صحيحا، ووجدنا النصوص التي احتجوا بها مبينة مفسرة قاضية على هذه الجملة التي احتج بها خصومهم، وجدنا النصوص شاهدة بصحة قولهم. فمن ذلك نص النبي عليه السلام وهو الذي قال فيه الله تعالى: * (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) * فقال عليه السلام:
ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، شرط الله أوثق وكتاب الله أحق فصح بهذا النص.
(٦١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 608 609 610 611 612 613 614 615 616 617 618 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722