فهي داخلة في عموم قوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) * وكل عقد صح بنص أو إجماع فلا يجوز إبطاله إلا بنص آخر أو إجماع ولا نص ولا إجماع على إسقاط آجال المكاتب بتعجيل ما عليه، فخالفتم أنسا في هذه القضية، وخالفتم عمر في الأولى فلو قيل لكم: اجتهدوا في الخطأ، ما أمكنكم أكثر من هذا.
قالوا: ومن وطئ مكاتبته فحملت، خيرت بين التمادي على المكاتبة وبين إسقاطها، ويذهب الشرط والعقد ضياعا. قالوا: ومن كان له على آخر دين إلى أجل من طعام وذهب، إلى أجل مسمى فأتاه بهما قبل الاجل. قالوا: يجبر على قبض الذهب قبل الاجل، ولا يجبر على قبض الطعام إلا حتى يحين الاجل. فمرة يثبتون الشروط ويحتجون ب * (أوفوا بالعقود) * والمسلمون عند شروطهم ومرة يبطلون كل ذلك كيفما وافقهم. قالوا: ومن كان له على آخر دين إلى أجل مسمى أو حال فقال له: أنا أنظرك بالدين الذي لي عليك إلى عشرة أيام بعد الاجل الذي هو إليه، وأهبك غدا دينارا، قالوا: يقضى عليه بالتأخير شاء أم أبى ولا يقضى عليه بالهبة الدينار الذي ذكر أصلا.
قالوا: ولو قال لغريمه: جئني بحقي قبلك، والحق حال لا مؤجل، وأنا أهبك نصفه فأتاه به، لزمه ما وعده أن يهبه وقضى عليه بذلك. قالوا: ولو قال: مالي في المساكين صدقة. لزمه ثلث ماله ولم يقض عليه به أن يتصدق بالثلث، فإن فرط حتى تلف الثلث، ولم يؤمر أن يتصدق منه بشئ، قالوا: فلو تصدق على إنسان معين بدار، قضي عليه بذلك، قالوا: فلو قال: داري هذه صدقة على زيد، أو قال على المساكين إن دخلت دار عمرو، فدخلها عامدا ذاكرا ليمينه، قالوا: لا يقضى عليه بشئ ولا يحكم عليه بإمضاء ما تصدق به لا للمعين ولا للمساكين، قالوا:
ولو قال ذلك في غير يمين قضي عليه بإمضاء ما تصدق به على المعين.
قالوا: فلو قال عبدي حر إن دخلت دار عمرو، فدخلها قضي عليه بعتق العبد.
قالوا: ولو قال في نذر: إن جاء أبي سالما فعلي أن أعتق عبدي هذا حرا لله، فجاء أبوه سالما، لم يقض عليه بعتق ذلك العبد، فلو قال: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، فاشتراه، قالوا يقضى عليه بعتقه، وهذا ضد النص، وضد حكم النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: من نذر أن يطيع الله فليطعه، وإذ يقول عليه السلام.