الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٢١
فهي داخلة في عموم قوله تعالى: * (أوفوا بالعقود) * وكل عقد صح بنص أو إجماع فلا يجوز إبطاله إلا بنص آخر أو إجماع ولا نص ولا إجماع على إسقاط آجال المكاتب بتعجيل ما عليه، فخالفتم أنسا في هذه القضية، وخالفتم عمر في الأولى فلو قيل لكم: اجتهدوا في الخطأ، ما أمكنكم أكثر من هذا.
قالوا: ومن وطئ مكاتبته فحملت، خيرت بين التمادي على المكاتبة وبين إسقاطها، ويذهب الشرط والعقد ضياعا. قالوا: ومن كان له على آخر دين إلى أجل من طعام وذهب، إلى أجل مسمى فأتاه بهما قبل الاجل. قالوا: يجبر على قبض الذهب قبل الاجل، ولا يجبر على قبض الطعام إلا حتى يحين الاجل. فمرة يثبتون الشروط ويحتجون ب‍ * (أوفوا بالعقود) * والمسلمون عند شروطهم ومرة يبطلون كل ذلك كيفما وافقهم. قالوا: ومن كان له على آخر دين إلى أجل مسمى أو حال فقال له: أنا أنظرك بالدين الذي لي عليك إلى عشرة أيام بعد الاجل الذي هو إليه، وأهبك غدا دينارا، قالوا: يقضى عليه بالتأخير شاء أم أبى ولا يقضى عليه بالهبة الدينار الذي ذكر أصلا.
قالوا: ولو قال لغريمه: جئني بحقي قبلك، والحق حال لا مؤجل، وأنا أهبك نصفه فأتاه به، لزمه ما وعده أن يهبه وقضى عليه بذلك. قالوا: ولو قال: مالي في المساكين صدقة. لزمه ثلث ماله ولم يقض عليه به أن يتصدق بالثلث، فإن فرط حتى تلف الثلث، ولم يؤمر أن يتصدق منه بشئ، قالوا: فلو تصدق على إنسان معين بدار، قضي عليه بذلك، قالوا: فلو قال: داري هذه صدقة على زيد، أو قال على المساكين إن دخلت دار عمرو، فدخلها عامدا ذاكرا ليمينه، قالوا: لا يقضى عليه بشئ ولا يحكم عليه بإمضاء ما تصدق به لا للمعين ولا للمساكين، قالوا:
ولو قال ذلك في غير يمين قضي عليه بإمضاء ما تصدق به على المعين.
قالوا: فلو قال عبدي حر إن دخلت دار عمرو، فدخلها قضي عليه بعتق العبد.
قالوا: ولو قال في نذر: إن جاء أبي سالما فعلي أن أعتق عبدي هذا حرا لله، فجاء أبوه سالما، لم يقض عليه بعتق ذلك العبد، فلو قال: إن اشتريت عبد فلان فهو حر، فاشتراه، قالوا يقضى عليه بعتقه، وهذا ضد النص، وضد حكم النبي صلى الله عليه وسلم إذ يقول: من نذر أن يطيع الله فليطعه، وإذ يقول عليه السلام.
(٦٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 616 617 618 619 620 621 622 623 624 625 626 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722