الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٦٢٦
أو مات أحدهما بطل عقد الإجارة، لقول الله عز وجل: * (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) * وليس صحة عقد الإجارة مانعا من إخراج المؤاجر عن ملكه الشئ الذي أجر، وإن أدى ذلك إلى بطلان العقد، لان البيع مباح له بالنص، وليس بيعه ماله نقضا لعقده، وإنما ينقض ذلك العقد ملك غير العاقد للشئ المعقود فيه.
قال أبو محمد: وقال بعضهم: أنتم إذا منعتم من نقض عقد الإجارة والكتابة والتدبير والعتق بصفة ثم أجزتم للعاقدين أن يخرجوا عن ملكهم الأعيان التي عقدوا فيها هذه العقود، وذلك مبطل للعقود، فقد تناقضتم وأجزتم إبطالها، قيل لهم وبالله تعالى التوفيق: لم نمنع قط من أن يفعل الانسان في ماله ما أبيح له قبل العقد الذي عقد فيه. وليس ذلك العقد بمحرم عليه ما كان له حلالا من إخراج ذلك الشئ عن ملكه، ومدعي هذا متحكم في الدين، قائل بغير بيان من الله تعالى، وإذا منعنا أن يفسخ بقوله ما عقد بقوله مما أبيح له عقده، أو أمر به فقط، وإنما يلزم هذا التعقب القائلين بالقياس، الذي يحرمون به المسكوت عنه، لتحريم المأمور بتحريمه، والرهن وغيره سواء فيما ذكرنا، إذا لم يمنع من إخراجه من الرهن بالبيع والعتق نص.
وأما المنكرون لهذا فقد تناقضوا فيه أقبح تناقض وقالوا بما أنكروه علينا يعني أصحاب مالك. فقالوا: لا تقبل شهادة النساء في عتق أصلا، ثم قالوا: إن شهدت امرأتان بدين على زيد لعمرو حلف عمرو معهما، ورد عتق زيد لعبده الذي أعتقه ودين عمرو محيط بماله، فقد أجازوا في رد العتق شهادة النساء، وكذلك قالوا: لو شهدت امرأتان بابتياع زيد وعمرو لامة كانت تحت زيد، قبلتا مع يمين البائع، وفسخ نكاح الأمة ومثل هذا لهم كثير جدا.
قال أبو محمد: ومن استؤجر على عمل معلوم، فهو عقد قد جاء النص بإباحته، واتفق القائلون بالإجارة على لزومه في حين عقده، واختلفوا هل ينفسخ في ثانية أم لا؟ فوجب أن يبقى على ما جاء الدليل به من صحته ما لم يأت نص بفسخه، وهكذا القول في المدبر وفي الموصي بعتقه وفي المعتق بصفة، وفي المكاتب -: أنها عقود قد اتفق الناس على ما جاءت به النصوص من صحتها في حين عقدها، وعلى القضاء بها ما لم يرجع العاقد لها فيها، ثم اختلفوا هل لعاقدها فسخها في ثاني عقده
(٦٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 621 622 623 624 625 626 627 628 629 630 631 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722