أو مات أحدهما بطل عقد الإجارة، لقول الله عز وجل: * (ولا تكسب كل نفس إلا عليها) * وليس صحة عقد الإجارة مانعا من إخراج المؤاجر عن ملكه الشئ الذي أجر، وإن أدى ذلك إلى بطلان العقد، لان البيع مباح له بالنص، وليس بيعه ماله نقضا لعقده، وإنما ينقض ذلك العقد ملك غير العاقد للشئ المعقود فيه.
قال أبو محمد: وقال بعضهم: أنتم إذا منعتم من نقض عقد الإجارة والكتابة والتدبير والعتق بصفة ثم أجزتم للعاقدين أن يخرجوا عن ملكهم الأعيان التي عقدوا فيها هذه العقود، وذلك مبطل للعقود، فقد تناقضتم وأجزتم إبطالها، قيل لهم وبالله تعالى التوفيق: لم نمنع قط من أن يفعل الانسان في ماله ما أبيح له قبل العقد الذي عقد فيه. وليس ذلك العقد بمحرم عليه ما كان له حلالا من إخراج ذلك الشئ عن ملكه، ومدعي هذا متحكم في الدين، قائل بغير بيان من الله تعالى، وإذا منعنا أن يفسخ بقوله ما عقد بقوله مما أبيح له عقده، أو أمر به فقط، وإنما يلزم هذا التعقب القائلين بالقياس، الذي يحرمون به المسكوت عنه، لتحريم المأمور بتحريمه، والرهن وغيره سواء فيما ذكرنا، إذا لم يمنع من إخراجه من الرهن بالبيع والعتق نص.
وأما المنكرون لهذا فقد تناقضوا فيه أقبح تناقض وقالوا بما أنكروه علينا يعني أصحاب مالك. فقالوا: لا تقبل شهادة النساء في عتق أصلا، ثم قالوا: إن شهدت امرأتان بدين على زيد لعمرو حلف عمرو معهما، ورد عتق زيد لعبده الذي أعتقه ودين عمرو محيط بماله، فقد أجازوا في رد العتق شهادة النساء، وكذلك قالوا: لو شهدت امرأتان بابتياع زيد وعمرو لامة كانت تحت زيد، قبلتا مع يمين البائع، وفسخ نكاح الأمة ومثل هذا لهم كثير جدا.
قال أبو محمد: ومن استؤجر على عمل معلوم، فهو عقد قد جاء النص بإباحته، واتفق القائلون بالإجارة على لزومه في حين عقده، واختلفوا هل ينفسخ في ثانية أم لا؟ فوجب أن يبقى على ما جاء الدليل به من صحته ما لم يأت نص بفسخه، وهكذا القول في المدبر وفي الموصي بعتقه وفي المعتق بصفة، وفي المكاتب -: أنها عقود قد اتفق الناس على ما جاءت به النصوص من صحتها في حين عقدها، وعلى القضاء بها ما لم يرجع العاقد لها فيها، ثم اختلفوا هل لعاقدها فسخها في ثاني عقده