صلى الله صلى الله عليه وسلم فهذا عظيم لا يحل، ونسألهم حينئذ عمن التزم في عهده وعقده وشرطه إسقاط الصلوات، وإسقاط صوم شهر رمضان وسائر ذلك، فمن أجاز ذلك فقد كفر، وإما أن يكون أوجب على نفسه ما لم يوجبه الله تعالى عليه، فهذا عظيم لا يحل، ونسألهم عمن التزم صلاة سادسة أو حج إلى غير مكة، أو في غير أشهر الحج، وكل هذه الوجوه تعد لحدود الله، وخروج عن الدين، والمفرق بين شئ من ذلك قائل في الدين بالباطل، نعوذ بالله من ذلك.
فإن قد صح ما ذكرنا فلم يبق إلا الكلام على الآيات التي احتج بها أهل المقالة الأولى، وعلى الأحاديث التي شغبوا بإيرادها وبيان حكمها، حتى يتألف بعون الله تعالى ومنه مع هذه، فإن الدين كله واحد لا تخالف فيه، قال الله عز وجل: * (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) *.
فنقول وبالله تعالى نتأيد: إن كل ما ذكروا من ذلك فلا حجة لهم في شئ منه، أما قول الله عز وجل: * (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) * و: * (كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) * * (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) *، * (أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم) *، * (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) *، و: * (بلى من أوفى بعهده واتقى) * و: * (ومن أوفى بما عاهد عليه الله) * و: * (وأوفوا بالعقود) * و: * (يوفون بالنذر) *، و: * (أو نذرتم من نذر) *، و: * (إنه كان صادق الوعد) *. والحديثان اللذان فيهما: أوف بنذرك، وذم الذين ينذرون ولا يوفون، والخبر فيم: أعطى بي ثم غدر، فإنها جمل قد جاء نص آخر يبين أنها كلها ليست على عمومها، ولكنها في بعض العهود، وبعض العقود، وبعض النذور، وبعض الشروط، وهي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا نذر في معصية الله تعالى، ولا فيما يملك العبد وقوله صلى الله عليه وسلم:
من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله تعالى فلا يعصه مع ما ذكرنا من قوله صلى الله عليه وسلم: كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل.
فصح بهذه النصوص أن تلك الآيات والخبرين إنما هي فيمن شرط أو نذر أو عقد أو عاهد على ما جاء القرآن أو السنة بإلزامه فقط. وقد وافقنا المخالفون ههنا، على أن من نذر أو عقد أو عاهد أو شرط أن يزني أو يكفر أو يقتل مسلما ظلما، أو أن يأخذ مالا بغير حق أو أن يترك الصلاة فإنه لا يحل له الوفاء بشئ من