حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد الهمداني، ثنا أبو إسحاق البلخي، حدثنا الفربري، ثنا البخاري، نا علي بن عبد الله، نا سفيان، عن يحيى هو ابن سعيد الأنصاري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة أم المؤمنين قالت: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فليس له، وإن شرط مائة شرط.
قالوا: فهذه الآيات وهذا الخبر، براهين قاطعة في إبطال كل عهد وكل عقد وكل وعد وكل شرط ليس في كتاب الله الامر به، أو النص على إباحة عقده، لان العقود والعهود والأوعاد شروط، واسم الشرط يقع على جميع ذلك.
قال أبو محمد: وأيضا فيقال لمن أوجب الوفاء بعقد أو عهد أو شرط أو وعد، ليس في نص القرآن أو السنة الثابتة إيجاب عقد وإنفاذه: إننا بالضرورة ندري أنه لا يخلو كل عقد وعهد وشرط ووعد التزمه أحد لاحد وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكون في نص القرآن أو السنة إيجابه وإنفاذه، فإن كان كذلك فنحن لا نخالفكم في إنفاذ ذلك وإيجابه، وإنما أن يكون ليس في نص القرآن ولا في السنة إيجابه ولا إنفاذه، ففي هذا اختلفنا.
فنقول لكم الآن: فإن كان هكذا فإنه ضرورة لا ينفك من أحد أربعة أوجه لا خامس لها أصلا: إما أن يكون فيه إباحة ما حرم الله تعالى في القرآن، أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا عظيم لا يحل، قال تعالى: * (ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق) * ونسألهم حينئذ عمن التزم - في عهده وشرطه وعقده ووعده، إحلال الخنزير والأمهات وقتل النفس، فإن أباح ذلك كفر، وإن فرق بين شئ من ذلك تناقض وسخف وتحكم في الدين بالباطل.
وإما أن يكون التزم فيه تحريم ما أباحه الله تعالى في القرآن أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فهذا عظيم لا يحل، قال تعالى: * (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك ونسألهم حينئذ عمن حرم الماء والخبز والزواج وسائر المباحات، وقد صح أن محرم الحلال كمحلل الحرام ولا فرق.
وإما أن يكون التزم ما أوجبه الله تعالى في القرآن، أو على لسان رسوله