علينا الاقرار بالأنبياء السالفين، وبأنهم بعثوا إلى قومهم بالحق لا إلى كل أحد ولم يكتب علينا العمل بشرائعهم.
واحتجوا بدعائه صلى الله عليه وسلم بالتوراة يوم رجم اليهوديين، وأنه عليه السلام سألهم: ما تجدون في التوراة؟ فلما أخبروه بالرجم وأنهم تركوه قال عليه السلام: أنا أول من أحيا أمر الله تعالى.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، بل هو تأويل سوء ممن تأوله، لأنه عليه السلام بلا شك في شريعته المنزلة عليه قد أمر برجم من أحصن من الزناة، وإنما دعا صلى الله عليه وسلم بالتوراة حسما لشغب اليهود، وتبكيتا لهم في تركهم العمل بما أمروا به، وإعلاما لهم بأنهم خالفوا كتابهم الذي يقرون أنه أنزل عليهم.
ومن قال: إنه صلى الله عليه وسلم رجم اليهوديين اتباعا للتوراة، لا لأمر الله تعالى له برجم كل من أحصن من الزناة في شريعته المنزلة عليه، فقد كفر وفارق الاسلام وحل دمه، لأنه ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم عصيان ربه فيما أمره به في شريعته المنزلة عليه، إذ تركها واتبع ما أنزل في التوراة. وقد أخبر تعالى أن اليهود يحرفون الكلم عن مواضعه، فمن الكفر العظيم أن يقول من يدعي أنه مسلم:
إن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بكتاب قد أخبر أنه محرف.
ووالله إن العجب ليعظم ممن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم بما في التوراة في رجم يهوديين زنيا، وهو يرفع نفسه الخسيسة عن هذا، فيقول:
إن قدم إلي يهوديان زنيا لم أقم عليهما الحد، ورددتهما إلى أهل دينهما، فهو يترفع عما يصف به نبيه ص)، نبرأ إلى الله تعالى من نصر كل مذهب يؤدي إلى مثل هذه البوائق والكبائر، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
واحتجوا بما روي: أنه صلى الله عليه وسلم سدل ناصيته كما يفعل أهل الكتاب، ثم فرقها بعده، وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فيه شئ.
قال أبو محمد: وهذا الحديث من أقوى الحجج عليهم، لأنه نص فيه على أنه صلى الله عليه وسلم إنما كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه فيه شئ، فصح أنه عليه السلام إنما كان يفعل ذلك في المباح له فعله، وتركه مما لم ينه عنه ولا