إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) *. * (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) *.
واحتجوا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر ثنية الربيع أو الجرح الذي جرحت على حسب اختلاف الروايات في ذلك كتاب الله القصاص.
قال أبو محمد: إنما عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * وهذا الذي خوطبنا به نحن هو اللازم لنا ولم يأت نص عن أنه عليه السلام عنى غير هذه الآية أصلا.
فإن قال قائل: فلعله عليه السلام إنما عنى بذلك قوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) الآية وما علمكم بأنه عنى عليه السلام الآية التي تلوتم دون هذه؟.
فالجواب وبالله تعالى التوفيق: إن البرهان على أنه صلى الله عليه وسلم لم يعن بقوله:
كتاب الله القصاص قوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) * أنه ليس في سورة التوراة قبول أرش، وإنما الأرش في حكم الاسلام، وفي الحديث المذكور أنهم قبلوا الأرش، فصح أنه صلى الله عليه وسلم لم يعن قوله تعالى: * (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) *.
واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى اليهود يصومون يوم عاشوراء:
نحن أولى بموسى منهم.
قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه، لأنه صلى الله عليه وسلم قد أمر بصيامه، ولولا أن الله تعالى أمره بصيامه ما اتبع اليهود في ذلك، وقد صح أنه كان يوما تصومه قريش في الجاهلية فصامه صلى الله عليه وسلم تبررا.
واحتجوا أيضا بأن قالوا: لما كانت شريعة الأنبياء عليهم السلام حقا وجب اتباع الحق حتى يأتي ما ينقلنا عنه.
قال أبو محمد: والجواب وبالله تعالى التوفيق: إن تلك الشرائع وإن كانت حقا على الذين خوطبوا بها فلم تكتب قط علينا، وليس ما كان حقا على واحد كان حقا على غيره، إلا أن يوجبه الله تعالى عليه، وإنما كتب