أمر به، وهذا غير ما نحن فيه، وإنما كلامنا في وجوب شرائعهم ما لم ننه عنها وفي سقوطها حتى نؤمر بها، وأما الزي المباح وفرق الشعر وسدله فكل ذلك مباح حتى الآن فعله وتركه.
هذا كل ما احتجوا به قد أبطلنا شغبهم فيه وبالله تعالى التوفيق.
ونحن إن شاء الله تعالى ذاكرون البراهين المبينة قولنا المبطلة قولهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد ابن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن يحيى واللفظ له قال أبو بكر: نا هشيم، ثنا سيار، ثنا يزيد الفقير، ثنا جابر وقال يحيى، أنا هشيم، عن سيار، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وذكر باقي الحديث.
وبه إلى مسلم، ثنا قتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر قالا: ثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بست فذكرهن، وفيها أرسلت إلى الخلق كافة.
قال أبو محمد: هذا الحديث يكفي من كل شغب موه به المبطلون، ويبين أن كل نبي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم إنما بعث إلى قومه خاصة، وإذا كان ذلك صح بيقين أن غير قومه لم يلزموا بشريعة نبي غير نبيهم، فصح بهذا يقينا أنه لم يبعث إلينا أحد من الأنبياء غير محمد صلى الله عليه وسلم. وإذ قد صح ذلك فقد قال تعالى: * (وإلى ثمود أخاهم صالحا) * * (وإلى عاد أخاهم هودا) * * (وإلى مدين أخاهم شعيبا) * وقال تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: * (وما أرسلناك إلا كآفة للناس) *، وقال تعالى آمرا له أن يقول: * (إني رسول الله إليكم جميعا) * مخاطبا للناس كلهم، وأمره تعالى أن يدعو الإنس والجن إلى الايمان، وقال تعالى: * (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون) * فصح أنهم لم يكونوا ملزمين شريعة أحد من الأنبياء، وقال تعالى: * (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير) *.