الاحكام - ابن حزم - ج ٥ - الصفحة ٧٣٨
أمر به، وهذا غير ما نحن فيه، وإنما كلامنا في وجوب شرائعهم ما لم ننه عنها وفي سقوطها حتى نؤمر بها، وأما الزي المباح وفرق الشعر وسدله فكل ذلك مباح حتى الآن فعله وتركه.
هذا كل ما احتجوا به قد أبطلنا شغبهم فيه وبالله تعالى التوفيق.
ونحن إن شاء الله تعالى ذاكرون البراهين المبينة قولنا المبطلة قولهم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
حدثنا عبد الله بن يوسف، ثنا أحمد بن فتح، ثنا عبد الوهاب بن عيسى، ثنا أحمد ابن محمد، ثنا أحمد بن علي، ثنا مسلم، ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن يحيى واللفظ له قال أبو بكر: نا هشيم، ثنا سيار، ثنا يزيد الفقير، ثنا جابر وقال يحيى، أنا هشيم، عن سيار، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي، كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وذكر باقي الحديث.
وبه إلى مسلم، ثنا قتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر قالا: ثنا إسماعيل - وهو ابن جعفر - عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فضلت على الأنبياء بست فذكرهن، وفيها أرسلت إلى الخلق كافة.
قال أبو محمد: هذا الحديث يكفي من كل شغب موه به المبطلون، ويبين أن كل نبي قبل نبينا صلى الله عليه وسلم إنما بعث إلى قومه خاصة، وإذا كان ذلك صح بيقين أن غير قومه لم يلزموا بشريعة نبي غير نبيهم، فصح بهذا يقينا أنه لم يبعث إلينا أحد من الأنبياء غير محمد صلى الله عليه وسلم. وإذ قد صح ذلك فقد قال تعالى: * (وإلى ثمود أخاهم صالحا) * * (وإلى عاد أخاهم هودا) * * (وإلى مدين أخاهم شعيبا) * وقال تعالى في نبينا صلى الله عليه وسلم: * (وما أرسلناك إلا كآفة للناس) *، وقال تعالى آمرا له أن يقول: * (إني رسول الله إليكم جميعا) * مخاطبا للناس كلهم، وأمره تعالى أن يدعو الإنس والجن إلى الايمان، وقال تعالى: * (لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون) * فصح أنهم لم يكونوا ملزمين شريعة أحد من الأنبياء، وقال تعالى: * (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير) *.
(٧٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث والعشرون في استصحاب الحال، وبطلان جميع العقود والعهود والشروط إلا ما أوجبه منها قرآن، أو سنة عن رسول الله (ص) ثابته 590
2 الباب الرابع والعشرون وهو باب الحكم بأقل ما قيل 630
3 الباب الخامس والعشرون في ذم الاختلاف 642
4 الباب السادس والعشرون في أن الحق في واحد وسائر الأقوال كلها باطل 647
5 الباب السابع والعشرون في الشذوذ 661
6 الباب الثامن والعشرون في تسمية الصحابة الذين رويت عنهم الفتيا وتسمية الفقهاء المذكورين في الاختلاف بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم 663
7 الباب التاسع والعشرون في الدليل 676
8 الباب الموفي ثلاثين في لزوم الشريعة الإسلامية لكل مؤمن وكافر في الأرض ووقت لزوم الشرائع للإنسان 678
9 الباب الحادي والثلاثون في صفه التفقه في الدين، وما يلزم كل امرئ طلبه من دينه، وصفته المفتى الذين له أن يفتى في الدين، وصفة الاجتهاد الواجب على أهل الإسلام 689
10 الباب الثاني والثلاثون في وجوب النيات في جميع الأعمال والفرق بين الخطأ الذي تعمد فعله ولم يقصد به خلاف ما أمر وبين الخطأ الذين لم يتعمد فعله وبين العمل المصحوب بالقصد إليه، وحيث يلحق عمل المرء غيره بأجر أو اثم وحيث لا يلحق 706
11 الباب الثالث والثلاثون في شرائع الأنبياء عليهم السلام قبل محمد (صلى الله عليه وآله) أيلزمنا إتباعها ما لم ننه عنها أم لا يجوز لنا اتباع شئ منها أصلا إلا ما كان منها في شريعتنا وأمرنا نحن به نصا باسمه فقط؟ 722