وأما العانانية والعيسوية والسامرية فإنهم متفقون على إباحة أكله لهم.
فتحرى هؤلاء القوم - وفقنا الله وإياهم - ألا يأكلوا شيئا من ذبائح اليهود فيه بين أشياخ اليهود لعنهم الله اختلاف، وأشفقوا من مخالفة هلال وشماي شيخي الربانية وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ومن طريف ما وقع لبعضهم في هذا الباب، وسمجه وشنعه الذي ينبغي لأهل العقول أن يستجيروا بالله عز وجل من مثله أن إسماعيل بن إسحاق قال في رجم النبي ص) اليهوديين الزانيين، إنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم تنفيذا لما في التوراة، ورأى هو من رأيه الفاسد أن يرفع نفسه عن تنفيذ ما فيها من الرجم على اليهود الزناة المحصنين إذا زنوا، فصان نفسه عما وصف به نبيه صلى الله عليه وسلم.
ونحن نبرأ إلى الله تعالى من هذا القول الفاسد، ومن هذا الاعتقاد، فلو كفر جاهل بجهله لكان قائل هذا القول أحق الناس بالكفر لعظيم ما فيه.
واحتج أيضا في ألا يقول الامام آمين إذا قال: * (بسم الله الرحمن الرحيم) * بأن موسى عليه السلام إذا دعا لم يؤمن وأمن هارون عليهما السلام فسماهما تعالى داعيين بقوله تعالى: * (قد أجيبت دعوتكما) *.
قال أبو محمد: وفي هذا الاحتجاج من الغثاثة والبرد والسقوط والمجاهرة بالقبيح ما فيه، لأنه يقال له قبل كل شئ، من أخبرك أن موسى عليه السلام دعا ولم يؤمن؟
وأن هارون أمن ولم يدع، وهذا شئ إنما قاله بعض المفسرين بغير إسناد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا لا يؤخذ إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن كافة تنقل عن مثلها إلى ما هنالك. فمن فاته هذان الوجهان فقد فاته الحق، ولم يبق بيده إلا المجاهرة بالكذب وأن يقفو ما ليس له به علم، أو أن يروى ذلك عن إبليس الملعون، فإنه قد أدرك لا محالة تلك المشاهد كلها إلا أنه غير ثقة، ثم يقال له: هذا لو صح لك ما ادعيت من أن موسى دعا ولم يؤمن، وأن هارون أمن ولم يدع، فأي شئ في هذا مما يبطل قول النبي صلى الله عليه وسلم عن الامام: وإذا أمن فأمنوا وقول الراوي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الامام كان يقول إذا فرغ من أم القرآن في الصلاة آمين هذا ولعل موسى قد أمن إذ دعا، ولعل هارون دعا إذ دعا موسى وأمنا، أو أمن أحدهما، أو لم يؤمن واحد منهما، ونص القرآن يوجب أنهما دعوا معا بقوله