وجها ينجو به من الشرك، إلا أن يتعلق بفعل له عليه السلام آخر، أو بأمر له آخر أو يكون لم يصح عنده ذلك الامر الذي رغب عنه، فإن تعلق بأنه خصوص له صلى الله عليه وسلم، فهو أحد الكاذبين الفساق، ما لم يأت على دعواه بدليل من نص أو إجماع قال علي: وأما من ادعى أن أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض علينا أن نفعل مثلها فقد أغفل جدا، وأتى بما لا برهان له على صحته، وما كان هكذا فهو دعوى كاذبة، لان الأصل ألا يلزمنا حكم حتى يأتي نص قرآن أو نص سنة بإيجابه، وأيضا فإنه قول يؤدي إلى ما لا يفعل، ولزمه أن يوجب على كل مسلم أن يسكن حيث سكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يجعل رجليه حيث جعلهما عليه السلام، وأن يصلي حيث صلى عليه السلام، وأن يصوم فرضا الأيام التي كان يصومها عليه السلام، وأن يجلس حيث جلس، وأن يتحرك مثل كل حركة تحركها عليه السلام، وأن يحرم الاكل متكئا وعلى خوان والشبع من خبز البر مأدوما ثلاثا تباعا، وأن يوجب فرضا أكل الدباء ويتتبعها وهذا ما لا يوجبه مسلم، مع أن هذا يخرج إلى المحال، وإلى إرجاع ما لا سبيل إلى إرجاعه مما قد فات وبطل بالاكل والشرب منه عليه السلام.
فبطل بما ذكرنا أن تكون أفعاله عليه السلام واجبة علينا، إذ لم يأت على ذلك دليل، بل قد قام الدليل والبرهان على أن ذلك غير واجب بالآية التي ذكرنا، وكل من له أقل علم باللغة العربية فإنه يعلم أن ما قيل فيه: هذا لك أنه غير واجب قبوله، بل مباح له تركه إن أحب كالمواريث وكل ما خيرنا فيه، وأن ما جاء بلفظ: عليك كذا فهذا هو الملزم لنا، ولا بد فلما قال تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * كنا مندوبين إلى ذلك، وكنا مباحا لنا ألا نأتسي غير راغبين عن الائتساء به، لكن عالمين أن الذي تركنا أفضل والذي فعلنا مباح كجلوس الانسان وتركه أن يصلي تطوعا، فليس آثما بذلك ولو صلى تطوعا لكان أفضل إلا أن يكون ترك التطوع راغبا عنها في الوقت المباح فيه التطوع، فهذا خارج عن الاسلام بلا خلاف، لأنه شارع شريعة لم يأت بها إذن.