أن يتركوا إباحة مباشرة الحائض، لقول عائشة، وأيكم أملك لإربه كما قالت في قبلة الصائم سواء بسواء. والثاني: أنهم رووا عنها أنها قالت لابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن وهو أشب ما كان: ألا تقبل زوجتك وتلاعبها؟ تعني عائشة بنت طلحة وهي بنت أختها وأجمل جواري أهل زمانها قاطبة، فقال: إني صائم.
فقالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، فهي دأبا تحض الصائم الشاب على التقبيل للجارية الحسناء، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم وائتساء به.
وهذا هو قولنا لا قولهم، ففعلوا ما ترى فيما أخبر عليه السلام أنه عموم، وغضب على من ادعى أنه خصوص، ثم أتوا إلى ما أخبر عليه السلام أنه خصوص له دون سائر الناس، وهو قتله بمكة من قتل الكفار، وخطب عليه السلام الناس فنهاهم عن أن يسفك فيها أحد دما، ثم لم يقنع عليه السلام بذلك، حتى قال في خطبته تلك: وإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا: إن الله أحلها لنبيه صلى الله عليه وسلم ولم يحلها لكم، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم عادت كحرمتها بالأمس إلى يوم القيامة أو كلاما هذا معناه، فقالوا: هذا عموم وليس خصوصا.
قال أبو محمد: فلو قيل لهؤلاء القوم اعكسوا الحقائق، ما زادوا على ما فعلوا، وأن هذا لعظائم لا ندري كيف استجاز من له أدنى ورع التقليد في مثل هذا، لمن قد أداه اجتهاده إلى الخطأ في ذلك، ممن قد بلغتهم الآثار، وقامت عليهم الحجة، وسقطت عنهم المعذرة، وإن الظن ليسوء جدا بمن هذا معتقده، ونعوذ بالله من كل حب رياسة تقود إلى مثل هذا، وبالله تعالى التوفيق.
قال علي: وإذا مدح الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم أحدا على فعل ما كان ذلك الفعل مندوبا إليه، مستحبا يؤجر فاعله ولا يؤجر تاركه ولا يأثم، وليس ذلك الشئ فرضا لما قد أوردنا في الحجاج في أن الفرض ليس إلا ما جاء به الامر فقط، وإن لم نؤمر به فمعفوا عنه، وأما ما ذمه الله تعالى فهو مكروه، وليس حراما إلا بدليل، لما ذكرناه في المدح ولا فرق، وقد ذم الله تعالى الشح، وليس حراما إذا أدى المرء فرائضه، ولكنه مذموم مكروه، وقد مدح الله