النخعي والزهري مرسلا، وتركوا حديث مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه بالناس جالسا والناس قيام، وترك مالك وأصحابه الحديث المروي من طريق الليث، عن عقيل بن خالد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب والقاسم وسالم وأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر مدين من بر على كل إنسان، مكان صاع من شعير، وذكر سعيد بن المسيب أن ذلك كان من عمل الناس أيام أبي بكر وعمر، وذكر غيره أنه حكم عثمان أيضا وابن عباس، وذكر ابن عمر أنه عمل الناس، فهؤلاء فقهاء المدينة رووا هذا الحديث مرسلا، وأنه صحبه العمل عندهم، فترك ذلك أصحاب مالك. فأين اتباعهم المرسل وتصحيحهم إياه؟ وأين اتباعهم رواية أهل المدينة وعمل الأئمة بها؟.
وترك الحنفيون حديث سعيد بن المسيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم في أن لا يباع الحيوان باللحم، وهو أيضا فعل أبي بكر الصديق رضوان الله عليه، ومثل هذا كثير جدا، ولو تتبعنا ما تركت كلتا الطائفتين لبلغت أزيد من ألفي حديث بلا شك، وسنجمع من ذلك ما تيسر إن شاء الله تعالى في كتاب مفرد لذلك إن أعان الله تعالى بقوة من عنده، وأمد بفسحة من العمر.
فإنما أوقعهم في الاخذ بالمرسل، أنهم تعلقوا بأحاديث مرسلات في بعض مسائلهم فقالوا فيها بالأخذ بالمرسل، ثم تركوه في غير تلك المسائل، وإنما غرض القوم نصر المسألة الحاضرة بما أمكن من باطل أو حق، ولا يبالون بأن يهدموا بذلك ألف مسألة لهم، ثم لا يبالون بعد ذلك بإبطال ما صححوه في هذه المسألة إذا أخذوا في الكلام في أخرى، وسنبين من ذلك كثيرا إن شاء الله تعالى.
ونحن ذاكرون من عيب المرسل ما فيه كفاية لمن نصح نفسه إن شاء الله تعالى. أخبرني أحمد بن عمر العذري، حدثنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي، ثنا زاهر بن أحمد أبو علي السرخسي الفقيه، ثنا زنجويه بن محمد النيسابوري، ثنا محمد بن إسماعيل البخاري - هو مؤلف الصحيح - ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن زيد عن النعمان بن راشد، عن زيد بن أبي أنيسة: أن رجلا أجنب فغسل فمات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو يمموه، قتلوه قتلهم الله.