الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٥٦
أذن له المسموع عنه في ذلك أو لم يأذن، حجر عليه الحديث عنه أو أباحه إياه، كل ذلك لا معنى له ولا يحل لاحد أن يمنع من نقل حق فيه خير للناس قد سمعه الناقل، ولا يحل لاحد أن يبيح لغيره نقل ما لم يسمع، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وإنما هو حق أو كذب، فالحق الذي ينتفع به مسلم واحد فصاعدا واجب نقله، والكذب حرام نقله.
وأما من كتب إلى آخر كتابا يوقن المكتوب إليه أنه من عنده، فيقول له في كتابه: ديوان كذا أخذته عن فلان كما وصفنا قبل، فليقل المكتوب إليه أخبرني فلان في كتابه إلي. ونحن نقول: أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخبرنا الله تعالى، وقال لنا الله تعالى، وقال تعالى:
ومن أصدق من الله قيلا وقال تعالى: * (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني وإنما ذلك لأنه تعالى خاطب بكتابه كل من يأتي من الإنس والجن إلى يوم القيامة، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمخاطبة كل من يأتي إلى يوم القيامة من الإنس والجن أيضا، فليس منا أحد إلا وخطاب الله تعالى وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم يتوجهان إليه يوم القيامة، وليس ذلك لمن دونهما أصلا، وإنما يخاطب كل من دون الله تعالى ودون رسوله صلى الله عليه وسلم، من شافه أو من كتب إليه، أو من سمع منه لفظه، إذ لم يأمر الله تعالى أحدا من ولد آدم عليه السلام دون رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ينذر جميع أهل الأرض، وإنما يصح من فعل كل واحد ما وافق ما أمره تعالى به، لا ما خالف ما أمره الله عز وجل، ومن فعل ما لم يؤمر به ففعله باطل مردود.
قال علي: وأما الإجازة التي يستعملها الناس، فباطل، ولا يجوز لاحد أن يجيز الكذب، ومن قال لآخر: ارو عني جميع روايتي دون أن يخبره بها ديوانا ديوانا، وإسنادا إسنادا، فقد أباح له الكذب، لأنه إذا قال حدثني فلان أو عن فلان فهو كاذب أو مدلس بلا شك، لأنه لم يخبره بشئ فهذه أربعة أوجه جائزة وهي: مخاطبة المحدث للآخذ عنه، أو سماع المحدث من الآخذ عنه، وقراره له بصحته، أو كتاب المحدث إلى الآخذ عنه، أو مناولته إياه كتابا فيه علم.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258