خالفه في الوضوء مما مست النار، وفي غسل اليد ثلاثا قبل إدخالها في الاناء أبو هريرة وأغلظ له في القول فليت شعري من جعل قول ابن عباس أولى من قول علي وأبي هريرة والحكم بن عمرو وأبي سعيد؟.
وأما قول ابن عمر: إن لأبي هريرة زرعا، فصدق وليس في هذا رد لرواية أبي هريرة أصلا، فإذا لم يبق من جميع ما اعترضوا به إلا اختلاف الصحابة في بعض ذلك مما صح وثبت، فالواجب الرد المفترض الذي لا يحل سواه هو الرد في ذلك إلى الله تعالى وإلى النبي صلى الله عليه وسلم إذ كان صاحب في ذاته فغير مبعد عنه الوهم لا سيما إذا اختلفوا فمضمون أن أحد القولين خطأ، فوجدنا الله تعالى قد أمر بالتفقه في الدين، وإنذار الناس به، وأمر بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا سبيل إلى طاعته عليه السلام إلا بنقل كلامه وضبطه وتبليغه ولا سبيل إلى التفقه في الدين إلا بنقل أحكام الله تعالى وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم، ووجدناه صلى الله عليه وسلم قد حض على تبليغ الحديث عنه وقال في حجة الوداع لجميع من حضر: ألا فليبلغ الشاهد الغائب فسقط قول من ذم الاكثار من الحديث.
ثم العجب فيه إيرادهم لهذه الآثار التي ذكرنا عمن أوردوها عنه من الصحابة فوالله العظيم ما أدري غرضهم في ذلك ولا منفعتهم بها، ولا شك أنهم لا يدرون لماذا أوردوها، لأنهم إن كانوا أوردوها طعنا في القول بخبر الواحد فليس هذا قولهم، بل هم كلهم يقولون بخبر الواحد، وأيضا فهي كلها أخبار آحاد وليس شئ منها حجة عند من لا يقول بخبر الواحد، وهذا عجب جدا، أو يكونوا أوردوها على إباحة رد المرء ما لم يوافقه من خبر الواحد، وأخذ ما وافقه من ذلك، فهذا هوس عتيق، أول ذلك أنهم يردون بعض ما لم يرده من احتجوا به من الصحابة، ويأخذون ببعض ما رده من احتجوا به منهم، وأيضا فإن كان الامر كذلك فقد اختلط الدين وبطل، لان لخصومهم أن يردوا بهذا الباب نفسه ما أخذوا به، ويأخذوا ما ردوه هم منه ونعوذ بالله منه.
قال علي: ولا أضل ولا أجهل ولا أبعد من الله عز وجل، ممن يزجر عن تبليغ كلام النبي صلى الله عليه وسلم. ويأمر بألا يكثر من ذلك، أو يرد ما لم يوافقه مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم بنظره الملعون، ورأيه الفاسد، وهواه الخبيث،