الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٥١
ابن مسعود، وأبا موسى وأبا الدرداء بالمدينة، على الاكثار من الحديث ينبغي لهم أن يحاسبوا أنفسهم فيقولوا: إذا أنكر عمر على ابن مسعود وأبي موسى وأبي الدرداء، الاكثار من الحديث، وسجنهم على ذلك، وهم أكابر الصحابة وعدول الأمة، وليس لابن مسعود إلا ثمانمائة حديث ونيف، فقط لعله انما يصح منها عنه أقل من النصف وليس لأبي الدرداء إلا مائة حديث ونيف، لعله لا يصح عنهما إلا أقل من نصف هذين العددين ماذا كان يصنع بمالك لو رأى موطأه، قد جمع فيه ثمانمائة حديث ونيفا وثلاثين حديثا من مسند ومرسل؟ أين كنتم ترونه يبلغ به وهو ينكر على الصحابة بزعمكم الكاذب دون هذا العدد؟ فلو كان لهؤلاء القوم دين أو عقل أما كان يحجزهم عن الاقدام على الانكار على الصحابة رضوان الله عليهم أمرا يجيزون لصاحبهم أكثر منه؟ إن هذا لعجب.
وأما الحنفيون: فقد طردوا أصلهم ههنا، لان صاحبهم أقل الحديث ولم يطلبه بكثرة خطئه وقلة حديثه، وحسبنا الله ونعم الوكيل، والرواية في حبس ابن مسعود في ذلك عنه ضعيفة، وإنما صح أنه تشدد في الحديث كما ذكرنا، وكان يكلف من حدثه بحديث أن يأتي بآخر سمعه معه، وإنما فعل ذلك اجتهادا منه، وقد أنكره عليه أبي، فرجع عمر عن ذلك، وذلك مذكور في حديث الاستئذان، وحتى لو صح ذلك عن عمر ومعاوية فقد خالفهما في ذلك أبي وعبادة، وبلغ ذلك بأحدهما إلى أن حلف ألا يساكنه في بلد واحد، فمن جعل قول معاوية أولى من قول عبادة وأبي الدرداء؟.
وأما الرواية عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه لم يقنع بقول المغيرة وروايته فمنقطعة لا تصح، ولو صححت لما كان لهم فيها حاجة. لأنهم يقولون بخبر الواحد إذا وافقهم ولا معنى لطلب راو آخر فالذي يدخل خبر الواحد يدخل خبر الاثنين، ولا فرق إلا أن يفرق بين ذلك نص فيوقف عنده.
وأما الرواية عن عائشة أم المؤمنين، فإنما موهوا بإيرادها ولا حجة لهم فيها، لأنها لم تقل قط أنها لم تصدق أبا هريرة، ولا أنها تستجيز رد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر لها أن أبا هريرة ينهى عن المشي في نعل واحد فقالت:
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258