ودعواه الكاذبة، ثم يغني دهره في الاكثار من تبليغ آراء مالك وابن القاسم وسحنون وأبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن، والتلقي بالقبول لجميعها على غلبة الفساد عليها، ألا إن ذلك هو الضلال البعيد. والفتيا بالآراء المتناقضة وبالله تعالى نعتصم.
قال علي: وأما من ظن أن أحدا بعد موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويحدث شريعة لم تكن في حياته عليه السلام، فقد كفر وأشرك وحل دمه وماله ولحق بعبدة الأوثان، لتكذيبه قول الله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا وقال تعالى (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) * فمن ادعى أن شيئا مما كان في عصره عليه السلام على حكم، ثم بدل بعد موته فقد ابتغى غير الاسلام دينا، لان تلك العبادات والاحكام والمحرمات والمباحات والواجبات التي كانت على عهده عليه السلام هي الاسلام الذي رضيه الله تعالى لنا، وليس الاسلام شيئا غيرها فمن ترك شيئا منها فقد ترك الاسلام، ومن أحدث شيئا غيرها فقد أحدث غير الاسلام، ولا مرية في شئ أخبرنا الله تعالى به أنه قد أكمله، وكل حديث أو آية كانا بعد نزول هذه الآية فإنما هي تفسير لما نزل قبلها، وبيان لجملتها، وتأكيد لأمر متقدم. وبالله تعالى التوفيق ومن ادعى في شئ من القرآن أو الحديث الصحيح أنه منسوخ ولم يأت على ذلك ببرهان، ولا أتى بالناسخ الذي ادعى من نص آخر فهو كاذب مفتر على الله عز وجل داع إلى رفض شريعة قد تيقنت، فهو داعية من دعاة إبليس، وصاد عن سبيل الله عز وجل، نعوذ بالله، قال الله تعالى: * (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) * فمن ادعى أن الناسخ لم يبلغ، وأنه قد سقط فقد كذب ربه، وادعى أن هنالك ذكرا لم يحفظه الله بعد إذ أنزله.
فإن قال قائل: الحديث قد يدخله السهو الغلط، قيل له: إن كنت ممن يقول بخبر الواحد، فاترك كل ما أخذت به منه، فإنه في قولك محتمل أن يكون دخل فيه السهو الغلط، وإن كنت مقلدا، فاترك كل من قلدت فإن السهو والغلط قد