(أقول) أما كونهما أمارتين أو أصلين عمليين فالظاهر انهما أمارتان وذلك لما عرفت منا غير مرة من أن الأمارة عبارة عما له كشف وحكاية عن الواقع والتجاوز والفراغ مما لا يخلو ان عن ذلك (ويؤيده) بل يدل عليه قوله عليه السلام في اخبار التجاوز قد ركع أو قد ركعت امضه وفي أخبار الفرغ هو حين يتوضأ اذكر منه حين يشك أو كان حين انصرف أقرب إلى الحق منه بعد ذلك (واما كون مثبتاتهما حجة أم لا) فالظاهر عدم حجيتها إذ لا ملازمة بين أمارية شيء وبين حجية مثبتاته كما عرفت ذلك في الاستصحاب حيث انه اخترنا أماريته ولم نقل بحجية مثبتاته (والسر) في ذلك ان المدار في القول بالمثبتات على استفادة ذلك من دليل اعتبار الأمارة ولا يكاد يستفاد ذلك من دليل التجاوز والفراغ أصلا سوى التعبد بإتيان ما شك في إتيانه أو بصحة ما شك في صحته من دون التعبد بأطرافه من لوازمه وملازماته وملزوماته ليترتب عليها آثارها (بل لا يبعد القول) بالتعبد بإتيان ما شك في إتيانه من حيث كونه جزءا أو شرطا للمأمور به لا من حيث هو هو (فإذا شك) في إتيان الفاتحة مثلا فلا يبني بقاعدة التجاوز إلا على وجودها وتحققها من حيث كونها جزءا للصلاة لا من حيث هي هي بحيث لو نذر أن يقرأ الفاتحة في كل ساعة فقد حصل البراء بالنسبة إلى هذه الساعة (وهكذا إذا شك) في صحة الصلاة بعد الفراغ عنها من ناحية الطهور فلا يبني إلا على تحقق الطهارة من حيث كونها شرطا للصلاة لا من حيث هي هي بحيث لو نذر أن يتطهر في كل ساعة فقد حصل البرء بالنسبة إلى هذه الساعة (بل قد عرفت) في الموضع السابع انه لا يمكن الاكتفاء بها من حيث كونها شرطا للصلاة أيضا الا لخصوص ما أتى به من الصلوات لا للصلوات الآتية.
(٢٩٣)