بينهم) (1)، وقال عليه السلام: " كونوا عباد الله إخوانا ".
ومن تأمل ما حدث بين أئمة المذاهب من التشاجر والتنافر، علم صحة ما قلنا، حتى أن المالكية استقلوا بالمغرب، والحنفية بالمشرق، فلا يقار أحد المذهبين أحدا من غيره في بلاده إلا على وجه ما، وحتى بلغنا أن أهل جيلان من الحنابلة إذا دخل إليهم حنفي قتلوه، وجعلوا ماله فيئا حكمهم في الكافر، وحتى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية، كان فيه مسجد واحد للشافعية وكان والي البل يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد فيقول: أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق؟ فلم يزل كذلك، حتى أصبح يوما وقد سد باب ذلك المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك ".
" ثم إن كلا من أتباع الأئمة، يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم ومحاوراتهم حتى رأيت حنفيا صفف مناقب أبي حنيفة، فافتخر فيها بأتباعه، كأبي يوسف ومحمد وابن المبارك ونحوهم، ثم قال: يعرض بباقي المذاهب:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا جرير المجامع وهذا شبيه بدعوى الجاهلية وغيره كثير، وحتى أن المالكية يقولون:
الشافعي غلام مالك، والشافعية يقولون: أحمد بن حنبل غلام الشافعي، والحنابلة يقولون: الشافعي غلام أحمد بن حنبل.
" وقد ذكره أبو الحسن القرافي في الطبقات من أتباع أحمد ".
" والحنفية يقولون: إن الشافعي غلام أبي حنيفة لأنه غلام محمد بن الحسن، ومحمد غلام أبي حنيفة "، قالوا لولا أن الشافعي من أتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخلاف. وحتى أن الشافعية يطعنون بأن أبا حنيفة من الموالي، وأنه ليس من أئمة الحديث، وأحوج ذلك الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي وأنه ليس قرشيا بل من موالي قريش، ولا إماما في