تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٦٦
الذين هذه سيرتهم، وتلك كيفية اخذهم الاحكام عن أئمتهم، فكان رجوع الجاهل إلي العلماء في ذلك الزمان من رجوع الجاهل إلي العالم بالعلم الوجداني، الحاصل لهم من مشافهة الأئمة من دون اجتهاد ولا اعمال نظر، واما رجوع الجاهل في اعصارنا فإنما هو إلى العلماء الذين عرفوا الاحكام من طرق الامارات والظنون الاجتهادية فليس هذا من ذاك.
وان شئت قلت: ان الفقه في هذه الاعصار أخذت لنفسه صورة فنية وجائت على طراز سائر العلوم العقلية الفكرية بعدما كان في اعصارهم من العلوم الساذجة، المبنية على سماع الاحكام من الأئمة وبثهابين الناس، من دون ان يجتهد في تشخيص حكم الله أو يرجح دليلا على الاخر، أو يقيد ويخصص واحدا بالآخر، إلى غير ذلك من الأصول الدارجة في زماننا، فلم يكن الرجوع إلى مثل علمائنا في اعصارهم مرسوما حتى يستكشف من عدم ردعه رضاهم وانما حدث ذلك بعد ممر الزمان، ومضى الدهور، ولم يرد دليل على مضى كل المرتكزات الا ما خرج بالدليل حتى نأخذ به، وليس لبناء العقلاء في ذلك الباب اطلاق أو عموم حتى نتمسك به، بل لابد ان يتصل كل فرد من هذه الأمور العقلائية إلى زمانهم (ع) ولم يكن الرجوع إلى مثل تلك العلماء والاجتهادات والترجيحات موجودا في اعصارهم حتى نستدل بعدم ردعهم امضائهم ورجوع الجاهل في أيامنا إلى العلماء وإن كان ارتكازيا لهم، الا انه لا يفيد كونه ارتكازيا ما لم يتصل بزمانهم.
ومن ذلك يظهر انه لا يجوز الاستدلال على جواز التقليد في هذه الاعصار بالروايات التي ارجع الامام فيها، شيعته إلي نظراء من سبق منا ذكرهم، بتقريب ان الجامع بينهم، انما هو علمهم بالأحكام، للفرق الواضح بينهم، فإنهم كانوا يعرفون الصحيح من الزايف، والصادق عن الكاذب، والصادر لأجل الحكم الواقعي عن الصادر تقية، لأجل الممارسة والمعاشرة، طيلة سنين، واما فقهاء الاعصار فهم عاملون بما هو الوظيفة الفعلية سواء كانت مطابقة للواقع أو خالفه، إلي غير ذلك من الفروق.
(١٦٦)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، الجهل (3)، الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست