سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك قال عليه السلام من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت وما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقه ثابتا، لأنه اخذ بحكم الطاغوت - إلى أن قال - قلت: كيف يصنعان قال ينظران إلى من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف احكامنا فليرضوا به حكما فانى جعلته عليكم حاكما ومن رده فإنما بحكم الله استخف، وعلينا قد ردوا لراد علينا كالراد على الله وهو على حد الشرك بالله قلت: فإن كان كل رجل يختار رجلا من أصحابنا فرضيا ان يكونا ناظرين في حقهما فاختلفا فيما حكما وكلاهما اختلفا في حديثكم، قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر - الخ...
دلت على أن المنصوب للقضاء والحكومة يجب أن يكون اماميا مقتديا بأئمة الشيعة، آخذا عنهم احكامهم، معرضا عن غيرهم، قائلا بإمامتهم. دون امامة غيرهم فالمخالف لا ينفذ حكمه وان ان حاكما بحكمهم عليهم السلام كما أنه يجب أن يكون فقيها مجتهدا فيما تقضى وتبرم وتنقض، لان قوله عليه السلام " روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف احكامنا " لا يصدق علي غير الفقيه في هذه الاعصار، لان غيره ليس ناظرا في حلالهم ولا حرامهم، ولا عارفا باحكامهم، بل ولا راويا لأحاديثهم فان الراوي في الأجيال الماضية كان مفتيا، بلفظ الرواية وسيوافيك بيان وجود الاجتهاد بالمعنى المصطلح في اعصارهم عليهم السلام على أن المتبادر من قوله (روى حديثنا) في المقام أن يكون رواية الحديث عنهم شغله، وان يزاول به ويمارسه ولا يكفي رواية حديث أو حديثين أو أحاديث قليلة طيلة عمره فالعامي، ومن لم يبلغ مرتبة الاجتهاد خارج عنه، وان شئت قلت: ان ايراد هذه الجمل المتعاطفة وعدم الاكتفاء بواحدة منها، يدل على أن الموصوف بها ثلة مخصوصة من الشيعة، ما برحوا يزاولون برواية الحديث، والنظر في حلالهم وحرامهم، ومعرفة احكامهم، وهى ليس الا الفقهاء في هذه الاعصار.