من الروايات المتواترة الدالة على ذلك، بما لا نحتاج إلى ايرادها.
انما الكلام في تحديد من نصب لاحد هذين المنصبين، أو كليهما في زمن الغيبة بعد قضاء الأصل المتقدم على عدم نفوذ حكم أحد في حق آخر، بعد ورود الأدلة الدالة على أن القضاء والحكومة من شؤون الخلافة من الله، والنبوة والوصاية (1) فلابد في الخروج عن مقتضى الأصل، ومفاد الأدلة، من دليل قاطع يسهل لنا معه الخروج عن مقتضاهما.
فنقول: قبل الخوض في مفاد الروايات الواردة في المقام لابد من التنبيه على أمر وهو انا نعلم بالضرورة ان دين الاسلام، أكمل الأديان وأتمها، وآخرها وخاتمها، وان رسول الله جاء بعامة ما يحتاج إليه البشر في معاشه ومعاده إلى يوم القيمة، وقد صرح هو بنفسه في خطبة حجة الوداع وتظافر الروايات منه صلى الله عليه وآله على أنه كل أمر خطير أو دقيق، الا وقد بينه وأوضحه حتى أرش الخدش، ومما يحتاج إليه الأمة، بل هو من مهام أمورهم، وأعظمها، وجود السائس والحاكم، والقاضي والفاصل في مختلف أمورهم إذ لا حياة الا بهما، ولا قرار ولا استقلال الا باستقرارهما في المجتمع الاسلامي، فلو لم يعين صلى الله عليه وآله تكليف الأمة بعد حياته أو في زمن غيبة أوصيائه، لعاد ذلك نقصا في شريعته المقدسة، وصار ناقضا، لما خطب به في حجة وداعه: معاشر الناس ما يقربكم إلى الجنة ويبعدكم الخ.