تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٤٤
التخلف عنه، وحرمة نقضه، وإن كان مخالفا للواقع، ولا يتفاوت في ذلك أصحاب الوحي وأوصيائهم وأوليائهم، لان ارتقائهم إلى أعلى درجات الكمال لا يقتضى نفوذ قضائهم وحكمهم فاصلا، بحيث يجب اتباعه في حد نفسه، ما لم ينته امرهم إلي من يحكم العقل بلزوم اتباع قضائه وحكمه نعم العقل الفطري يحكم بنفوذ حكم خالقه في عباده وخلائقه، لكون حكمه تصرفا في ملكه وسلطانه، فهو جل سلطانه، سلطان الخلائق، ومالك رقابهم، لا بالجعل والاعتبار، بل بالاستحقاق الذاتي، فإذا نفوذ غيره يحتاج إلى الجعل من ناحيته، والاعتراف له بهذا المنصب من جانبه تعالى وقد دلت الآيات والروايات والأصول على أن النبي والأئمة (ع) من بعده خلفاء الله في ارضه، فوض إليهم أمر الحكومة والقضاء، فلهم الحكومة والسلطة بجعل من الله، واعتراف منه عز شأنه ودونك بعض الآيات.
1 - النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم.
2 - يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (النساء - 59).
3 - وما أرسلنا من رسول الا ليطاع بإذن الله (النساء - 64).
4 - فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما (النساء - 65).
فان المراد من الإطاعة في الآية ليس الاقتفاء به فيما يبلغه من الاحكام والوظائف فإنه صلى الله عليه وآله ليس له أمر ولا نهى في هاتيك الموارد، بل المراد اتباع قوله فيما له فيه أمر ونهى، حتى يكون الاقتفاء به طاعة، والتخلف عنه معصية، ولأجل ذلك يجب حمل الآية على ما يكون الامر والنهى من عند نفسه لا من عند الله، وإن كان الجميع منتهيا إليه تعالى، لكونه هو الذي اعطى له منصب القضاء والحكومة، فأعطى له حق الامر والنهى.
ثم الأئمة من بعده، خلفائه وأوصيائه، حكامه وقضاته على العباد وكم وكم
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست