الانبعاث التكويني مستند إلى المبادى الموجودة في نفس المكلف على اختلافها من الطمع في جنته والخوف من ناره، أو علمه بكمال المحبوب وانه أهل للعبادة إلى غير ذلك، وعليه فالامر المتعلق بالموضوع يكون دخيلا في انبعاث العبد بنحو من الدخالة لا من باب السببية والمسببية، بل بما انه محقق موضوع الطاعة، فلا يمكن ان يقال إن الحكم بالنسبة إلى الضرر من العلل التوليدية، كما في حركة اليد وحركة المفتاح و القتل والإيلام، بل الاحكام لها وجودات اعتبارية مستقلة، فإذا وقف المكلف عليها فقد وقف على موضوع الطاعة، فالمبادئ الموجودة في نفسه يحركه نحوه، فيأتي به ويترتب عليه الضرر أحيانا، وما هذا حاله لا يمكن ان يقال: إن اطلاق اللفظ الموضوع لأحدهما على الاخر حقيقة وما ذكره من ورود القضية في مقام التشريع قرينة على أن المنفى هو الحكم الضرري على وجه الحقيقة ضعيف جدا، إذ ما ذكره قرينة على كون المراد من الضرر هو الحكم الضرري لا انه موجب لكون الجري على وجه الحقيقة.
منها: ان ما ذكره من حديث الرفع أو قوله صلى الله عليه وآله لا ضرر ليس اخبارا إلى آخر ما افاده، ضعيف غايته: فان هيئة الجملة المصدر بلا النافية للجنس موضوعة للحكاية عن الواقع ونفى ما يليه نفيا اخباريا كما في قوله لا رجل في الدار ونظائره فاطلاق هذه الهيئة الموضوعة للحكاية، وإرادة انشاء النفي مجاز قطعا بل لا فرق بينه وبين سائر الموارد، ويليه في الضعف قوله الآخر: من أن الاخبار والانشاء من المداليل السياقية لا مما وضع له اللفظ لما عرفت من أن هذه الهيئة موضوعة للحكاية عن الواقع حكاية تصديقية بحكم قضاء العرف والتبادر، - وعليه - فلو قلنا: إن الانشاء قرينة من المداليل السياقية فاما ان نقول بان الهيئة غير موضوعة لشئ أصلا فيكون مهملة فهو كما ترى، واما ان نقول بكونها موضوعة لأمر آخر غير الانشاء والاخبار، بل مباين لهما فهو أسوء حالا من مقدمه، أو نقول بأنه أمر جامع بينهما، فهو أضعف لعدم الجامع بين الاخبار والانشاء بل أوضحنا الحال في الجزء الأول انه لا جامع بين المعاني الحرفية، الا الجامع الأسمى فراجع (1).