تهذيب الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للسبحاني - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
قطع أسبابها وعللها حتى يندر وجودها، وكلا الشقين غير صحيح لكثرة وجود الضرر في الخارج وشيوعه، ومجرد نهى الشارع عن الاضرار، أو امره بالتدارك لا يوجب ولا يصحح نفى الضرر، واما حديث قلع أسباب الضرر تشريعا، فيبطله كثرة الاحكام الضررية وكون أصول احكامه وأساس دينه، احكاما ضررية على العباد في عاجلهم في نظر العقلاء، ومعه كيف يدعى انه لا حكم ضرري في الاسلام، وانه قلع أسباب الضرر، بعدم تشريع حكم ضرري، فهل هذا الا كادعاء السلطان بأنه لا سرقة في حوزة سلطنتي، وحمى قدرتي، مع كون مقربي حضرته من السرقة، وبذلك يمكن ان يقال بأنه أردء الوجوه، بعامة تقريراته، وانه لا يقصر عما افاده بعض الفحول الذي قال الاعلام بأنه أردء الوجوه.
وما تمسك به الاعلام في تصحيح الدعوى من أنه ناظر إلى الاحكام التي ينشأ من اطلاقها لا إلى ما طبعه على الضرر، كدعوى ان الأحكام المذكورة ليست ضررية، غير صحيح جدا إذ كما لا يصح نفى الضرر عن صحيفة التكوين مع شيوعه فيها، فهكذا لا يصح ان ينفى مع كون أصول فروعه، احكاما ضررية عند العقلاء، من جهاده وزكاته وحجه، وخمسه، وسلبه المالية عن أشياء هي أحب الأمتعة عند الناس، " وبالجملة ":
ان الكلام في مصحح الادعاء وقد عرفت انه لا يصح نفى هوية الضرر تكوينا أو تشريعا الا بتنزيل الموجود منه منزلة المعدوم، لندرته في الخارج أو لاعدام علله التشريعية ولكن صحيفة التكوين مملوءة منه كما هو ظاهر، والامر بالتدارك أو النهى عن الاضرار لا يصحح دعوى نفى هوية الضرر عن الخارج، وصحيفة التشريع مشتملة على احكام تعد أصولا لفروع الدين وهى بعامتها ضررية عند العقلاء، ومع هذا الشيوع في التكوين والتشريع، لا يصح ان يدعى ندرة وجوده، ولا قلع أسبابه في التشريع، وما عرفت من حديث الانصراف فلو صح لا يدفع الاشكال كما أشرنا إليه.
حول ما افاده شيخ الشريعة الأصفهاني هذا حال الاحتمال الأول الذي اختاره الشيخ الأعظم وتبعه المشايخ والمعاصرون وقد عرفت ضعفه، ويتلوه في الضعف ما نقله عن بعض الفحول، وبما ان الأساتذة
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست