وان ما اختاره من المعنى، ليس علي طريق الحقيقة بل على نحو المجاز لتعذر حمله على الحقيقة لوجودها في الخارج و (عليه) لا وجه لما أتعب به بعض الأعاظم نفسه الشريفة في توضيح ما افاده الشيخ الأعظم وانه لا يستلزم تجوزا ولا ادعاءا، مع أن صاحب المقال يصرح بخلافه، وعلى ذلك فلابد في الوجه المصحح للمجاز، وانه ماذا والذي يمكن ان يقال وجوه.
الأول: أن يكون على نحو المجاز في الحذف، أي لا حكم ضرري كما هو المختار عند النحاة في قوله تعالى: واسأل القرية.
الثاني: أن يكون على نحو المجاز في الكلمة من استعمال اللفظ في غير ما هو موضوع له بلا ادعاء - على ما هو مصطلح عندهم - لعلاقة السببية والمسببية، فأطلق المسبب وأريد السبب فان تشريع الحكم الضرري سبب للضرر وبما انك وقفت على حقيقة المجاز في فنون البلاغة وأساليب الفصاحة فلا وقع لهذا القولين في تصحيح ما هو المطلوب، وعرفت ان كل ما يدعيه القوم من كونه على نحو المجاز في الحذف أو في الكلمة على الطريقة المألوفة عندهم ليس بشئ وإن كان يوهم بعض تعبيراته (قدس سره) ان المقام من قبيل المجاز في الحذف.
الثالث: أن يكون على نحو الحقيقة الادعائية وهو يتصور على وجوه:
(منها) ما افاده المحقق الخراساني: من أنها من قبيل نفى الموضوع كناية عن نفى آثاره كقول القائل: يا أشباه الرجال ولا رجال مدعيا ان تمام حقيقة الرجولية هو المروءة والشجاعة، فإذا فقدتا فقد فقدت الرجولية، والمراد من الآثار المنفية هي الآثار المتعلقة بالموضوعات بعناوينها الأولية كوجوب الوفاء بالعقد الضرري ووجوب الوضوء الضرري والظاهر أن مرجع هذا إلى ما اختاره الشيخ الأعظم، ويشهد له ما ذكره الشيخ في رسالته التي عملها في قاعدة لا ضرر حيث قال في عداد معانيها: " الثالث ان يراد به نفى الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد وانه ليس في الاسلام مجعول ضرري وبعبارة أخرى: حكم يلزم من العمل به الضرر على العباد " فقد جعل نفى الحكم الذي يلزم الضرر من العمل به تفسيرا لما قبله أعني نفى الحكم الشرعي الذي