في ذيلها من غير تصديره بلفظ " قضى " أو " أمر " أو " حكم "، بل ورد بلفظ " قال " (1) لكن التأمل في صدر القضية وذيلها وشأن صدور الحديث، مما يكاد أن يشرف بالفقيه على القطع بان (لا ضرر ولا ضرار) حكم صادر منه - صلى الله عليه وآله - بنحو الآمرية والحاكمية بما أنه سلطان ودافع للظلم عن الرعية، فإن الأنصاري لما ظلم ووقع في الحرج والضيقة بورود سمرة بن جندب - هذا الفاسق الفاجر - على أهله من غير استئذان منه، وفي حالة يكره وروده عليه وهو فيها، شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - بما أنه سلطان ورئيس على الملة; حتى يدفع الظلم عنه، فأرسل رسول الله إليه فأحضره، وكلمه بما هو في الأخبار، فلما تابى حكم بالقلع ودفع الفساد، وحكم بأنه لا يضر أحد أخاه في حمى سلطاني وحوزة حكومتي، فليس المقام بيان حكم الله، وأن الأحكام الواقعية مما لا ضرر فيها، وأنه - تعالى - لم يشرع حكما ضرريا، أو أخبر أنه - تعالى - نهى عن الضرر، فإن كل ذلك أجنبي عن المقام، فليس فيهما شبهة حكمية ولا موضوعية، بل لم يكن شيء إلا تعدي ظالم على مظلوم وتخلف طاغ عن حكم السلطان بعد أمره بالاستئذان، فلما تخلف حكم بقلع الشجرة، وأمر بأنه لا ضرر ولا ضرار - أي الرعية ممنوعون عن الضرر والضرار - دفاعا عن المظلوم وسياسة لحوزة سلطانه وحمى حكومته.
(١١٥)