فلو ورد: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال لفلان: أنت رئيس الجيش، فاذهب إلى كذا، يكون بقرينة المقام ظاهرا في أن هذا الأمر صدر مولويا من حيث إنه سلطان، ولو ورد: أن رجلين تخاصما عنده في كذا، وأقام أحدهما البينة، فقال - صلى الله عليه وآله -: إن المال لصاحب البينة، يكون ظاهرا بحسب المقام في أنه قضى بذلك، ويكون قوله ذلك هو القضاء بالحمل الشائع.
وبالجملة: الألفاظ المتقدمة مع قطع النظر عن القرائن ظاهرة في الحكم والأمر منه، ويمكن أن يقال: إن قوله: " أمر بكذا " ظاهر في الأمر المولوي السلطاني، و " قضى بكذا " ظاهر في فصل الخصومة، و " حكم " مردد بينهما يحتاج إلى قرينة معينة، وأما ما هو من قبيل " قال " فدلالته على القضاء أو الأمر المولوي تحتاج إلى قرينة حال أو مقال، نعم صيغ الأمر في حد نفسها ظاهرة في الأمر المولوي، وكونها إرشادية يحتاج إلى القرينة.
الرابعة: لا بأس لتأييد ما ذكرنا بنقل بعض الروايات الواردة بالألفاظ المتقدمة وبعض ما يكون بقرينة المقام دالا على أن الأمر الصادر أمر مولوي سلطاني أو حكم وقضاء، وإن لم يرد بلفظ " قضى أو أمر أو حكم " فنقول: أما ما ورد بلفظ " قضى وحكم " فأكثر من أن يحصى، فمن ذلك:
ما في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) (1).