أمر ولا نهي، ولو أمر أو نهى في أحكام الله تعالى لا يكون ذلك إلا إرشادا إلى أمر الله ونهيه، ولو خالف المكلف لم يكن مخالفته مخالفة رسول الله، بل مخالفته الله تعالى; لأن رسول الله - صلى الله عليه وآله - ليس بالنسبة إلى أوامر الله ونواهيه ذا أمر ونهي، بل هو مبلغ ورسول ومخبر عنه تعالى، كما أن أوامر الأئمة - عليهم السلام - ونواهيهم في أحكام الله كذلك، وليست أوامر النبي والأئمة - عليه وعليهم الصلاة والسلام - من هذه الجهة إلا كأوامر الفقهاء مقلديهم، فقول الفقيه لمقلده: اغسل ثوبك عن أبوال مالا يؤكل لحمه، كقول النبي والأئمة من حيث إنه إرشاد إلى الحكم الإلهي، وليس مخالفة هذا الأمر إلا مخالفة الله، لا مخالفة الرسول - صلى الله عليه وآله - والأئمة - عليهم السلام - والفقيه.
وأما إذا أمر رسول الله أو نهى بما أنه سلطان وسائس يجب إطاعة أمره بما أنه أمره، فلو أمر سرية أن يذهبوا إلى قطر من الأقطار تجب طاعته عليهم بما أنه سلطان وحاكم، فإن أوامره من هذه الجهة كأوامر الله واجبة الإطاعة، وليس مثل هذه الأوامر الصادرة عنه أو عن الأئمة إرشادا إلى حكم الله، بل أوامر مستقلة منهم تجب طاعتها، وقوله تعالى: ﴿أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم﴾ (1) ناظر إلى تلك الأوامر والنواهي الصادرة عن الرسول وأولي الأمر، بما أنهم سلاطين وأولياء على الناس، وبما أنهم ساسة العباد،