ما يدل على الترجيح بالمذكورات وبالصفات والاحتياط (مثل) ما رواه ابن أبي الجمهور الأحسائي في غوالي اللئالي عن العلامة قده مرفوعا إلى زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران والحديثان المتعارضان فبأيهما آخذ: فقال (ع) يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر: فقلت يا سيدي انهما مشهوران مأثوران عنكم: فقال خذ بما يقول أعدلهما عندك وأوثقهما في نفسك: فقلت انهما معا، عدلان مرضيان موثقان فقال (ع) انظر ما وافق منهما العامة فأتركه وخذ بما خالف فان الحق في خلافهم: قلت ربما كانا موافقين لهم أو مخالفين فكيف اصنع: قال (ع) إذا فخذ بما فيه الحائط لدينك واترك الآخر:
قلت فإنهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان فكيف اصنع: فقال (ع) إذا فتخير أحدهما فتأخذ به ودع الآخر (فهذه) طوائف خمس من الأخبار الدالة على الترجيح وأجمعها الطائفة الأخيرة وهي المرفوعة (وهنا) طائفة أخرى سادسة تدل على الاخذ بأحدثهما وهي اخبار كثيرة (ولكن) نحن ندع تلك الطائفة لاختصاصها بزمان الحضور لشواهد تشهد به مما في نفس تلك الأخبار من نحو قوله (ع) انا والله لا ندخلنكم الا فيما يسعكم (ولذلك) لم يمكن بناء الأصحاب أيضا على عد الأحدثية من المرجحات في تعارض الاخبار.
(ثم انه) بعد ما تلونا عليك هذه الأخبار يبقى الكلام في أنه هل يجب الترجيح بجميع هذه المرجحات، أو لا يجب الترجيح بها، أو يفصل بينها بوجوب الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة، وعدم وجوبه في غيرهما (فيه) وجوه وأقوال (أقواها الأخير): اما وجوب الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة، فللأخبار الكثيرة الظاهرة في وجوب الترجيح بهما المعمول بها بين الأصحاب (فان) من تتبع كلماتهم في الفقه يرى أن ديدنهم عند تعارض الاخبار وتنافيها على الترجيح بهما من الاخذ بالخبر الموافق لظاهر الكتاب والمخالف للعامة، وطرح ما يخالف الكتاب ويوافق العامة (وبمثل هذه) الاخبار يقيد مطلقات اخبار التخيير بغير صورة ذين المرجحين.