الاتفاق مخالفا للأصول والقواعد فإنه أيضا يكون من الحدس القريب إلى الحس (وبالجملة) فالمدار كله في الحجية هو كون الاخبار مستند إلى الحس أو الحدس القريب منه المستند إلى اللوازم الحسية العادية نظير لوازم الشجاعة وملكة العدالة في قبال ما لو استند إلى غير اللوازم العادية الحسية من قرائن شخصية مثلا الحاصلة من حسن ظنه بالمجمعين فإنه يكون من الحدس المحض نظير الاخبار بموت زيد المستند إلى علمه الناشئ بصدق المخبر من جهة حسن ظنه به أو المبادئ الحدسية الاخر كالرمل ونحوه هذا كله في نقل لاجماع من حيث رجوعه إلى نقل المسبب وهو رأى الإمام (ع) و (اما) بالنسبة إلى نقل السبب الذي هو اتفاق الكل فهو أيضا يختلف من حيث كونه تارة حسيا وأخرى حدسيا ناشئا من لحاظ اتفاق جمع من أساطين الفقهاء على حكم بنحو يظهر منهم كونه من المسلمات حيث إنه يحصل من ذلك الحدس القوى بكونه متفقا عليه بين جميع الأمة ويختلف ذلك بحسب اختلاف الناقلين من حيث الإحاطة بكلمات الأصحاب وعدمها بنحو يبعد عادة اطلاع مثله على فتاوى الأصحاب من أهل عصره جميعا فضلا عن الاعصار المتقدمة على عصره وعلى كل حال يكون اخباره بالسبب معتبرا في المقدار الذي يحتمل في حقه الاطلاع عليه فيؤخذ بما يحكيه من السبب لاندراجه في حجية الخبر فان بلغ ذلك إلى مقدار يلازم عادة رأي الامام ع في نظر المنقول إليه فهو والا فيحتاج إلى ضم ما يتم به السبب ولكن لابد في هذه الضميمة عدم احتمال كونها هو المقدار الذي استند إليه ناقل الاجماع والا فلا يفيد هذه الضميمة شيئا أصلا فح يختلف الحال في استكشاف رأي الإمام (ع) باختلاف الحاكي من حيث قرب عهد الحاكي بزمان الإمام (ع) ومن حيث كثرة تتبعه وطول باعه ومن حيث دلالة اللفظ وصراحته في اتفاق الكل وعدمه ومن جهة كون المسألة معنونة في كلمات الأصحاب أو غير معنونة وهكذا يختلف باختلاف نظر المحكي له فلابد له من لحاظ تلك الخصوصيات في الحكم بالحجية وعدمها فتدبر (ومن هذا البيان) ظهر الحال في نقل التواتر فإنه يأتي فيه ما ذكرناه في نقل الاجماع إذ هو أيضا بما يختلف باختلاف الأنظار ومن حيث إحاطة الناقل وكثرة اطلاعه وعدمها، فيؤخذ حينئذ بما احتمل في حق الناقل في نقله للتواتر من اخبار عشرين أو أزيد فإذا كان هذا المقدار بحد يثبت به التواتر عند المنقول إليه
(٩٨)