التعبد بالخبر الواحد في الاخبار عن الله سبحانه من هذه الجهة فذلك لا تقتضي المنع عنه في الاخبار عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع)، إذ لا تلازم بينهما بعد الفرق المزبور (مع أن) في الاخبار عن الله سبحانه أيضا يمكن التفكيك بين الجهتين بالمصير إلى جواز التعبد به من جهة اخباره عن الحكم التكليفي وعدم جوازه بالنسبة إلى ما يلزمه من الاخبار عن نبوة نفسه لاحتياجه بالضرورة إلى العلم الوجداني كغيره من أصول العقائد، والتفكيك بين اللوازم غير عزيز في مرحلة التعبد كما في الخبرين المتعارضين من حيث حجيتهما في مدلولهما الالتزامي في نفي الثالث مع سقوطهما عن الحجية في مدلولهما المطابقي، وحينئذ فلنا ان ندعي جواز الاخذ باخباره عن الله سبحانه في خصوص الحكم التكليفي وتخصيص الاجماع على عدم الجواز بما يلزمه وهو الاخبار عن نبوة نفسه، مضافا إلى أنه يمكن ان يكون وجه الاجماع على عدم قبول خبر الواحد في الاخبار عن الله سبحانه هو استناد اخباره في ذلك إلى الحدس المحض الذي ليس معتبرا عند العقلاء أيضا، وذلك من جهة ما هو الواضح من عدم كون الوحي بمثابة يدرك بتلك القوى الحسية عند نزوله ولذلك لا يكون بحيث يسمعه من كان حول النبي صلى الله عليه وآله بل شخص النبي صلى الله عليه وآله عند نزوله يطرء له نحو حالة مخصوصة وكان نزوله أيضا على قلبه الشريف وهذا بخلاف ما نحن فيه فلا مجال للتعدي بمقتضى الاجماع المزبور إلى الاخبار عن النبي ص الذي كان مبناه ممحضا بالحس (نعم) لو أحرز من الخارج كون اتفاقهم على عدم جواز التعبد بالخبر في الاخبار عن الله سبحانه لأجل جهة مقبحة في نفس التعبد بالخبر الواحد الموجبة لاستحالة صدوره عن الحكيم تعالى، فلابد من التعدي إلى الاخبار عن النبي والوصي بلحاظ تحقق تلك الجهة المقبحة فيه أيضا ولكن انى باثبات ذلك، إذ لا أقل من احتمال كون المناط في عدم جواز التعبد بالخبر الواحد في الاخبار عن الله تعالى هو ما ذكرناه (ثم إن) الشيخ قدس سره أجاب عن ذلك بعد الاشكال بان الاجماع انما هو على عدم الوقوع لا الامتناع بقوله ان الاجماع على عدم جواز التعبد بالخبر عن الله سبحانه انما هو فيما إذا بنى تأسيس الشريعة أصولا وفروعا على العمل بالخبر الواحد عن الله لا فيمثل المقام الذي ثبت أصل الدين أصولا وفروعا بالأدلة القطعية ولكن عرض الخفاء على بعضها لأجل اخفاء الظالمين
(٥٨)