الصفات، وعلى فرض حصولها له لا عبرة بظنه وشكه بعد عجزه عن تشخيص موارد الأصول والامارات ومجاريها وعدم تمكنه من فهم مضامينها والفحص التام في مواردها، والحال ان اختصاص تلك الخطابات بالمتمكن من تشخيص مجاريها والقادر على الفحص التام في مواردها في الوضوح كالنار على المنار، كوضوح اختصاص خطاب لا تنقض أيضا بمن أيقن الحكم الفعلي وشك في بقائه وعدم شموله لغيره (ولكنه كما ترى) إذ نقول انه لا مانع من فرض حصول الصفات المزبورة لغير المجتهد أيضا كما في كثير من المحصلين غير البالغين مرتبة الاجتهاد، فإذا فرض حينئذ شمول اطلاقات أدلة الامارات والأصول لمثله يتعدى إلى العامي المحض بعدم القول بالفصل (واما) شبهة عدم تمكنه من الفحص عن الأدلة والبحث فيها (فتندفع) بقيام المجتهد مقامه بمقتضى أدلة الافتاء والاستفتاء، فيكون فحصه عن الدليل وعن المعارض فحصه وترجيحه لاحد الخبرين ترجيحه، بل بهذا الاعتبار يكون يقينه وشكه أيضا بمنزلة يقينه وشكه في شمول اطلاقات الأدلة، بلا احتياج إلى اتعاب النفس في التشبث بعدم الفصل (مع أنه) يمكن فرض حصول اليقين والشك للعامي المحض أيضا في الشبهات الحكمية بعين فرض حصولها للمجتهد فإنه كما أن المجتهد برجوعه إلى الأدلة في حكم الماء المتغير بالنجاسة مثلا يحصل له اليقين بنجاسته وبعد زوال تغيره من قبل نفسه وعدم ظفره بدليل يقتضي طهارته أو نجاسته حينئذ يشك في بقاء نجاسته السابقة، كذلك العامي فإنه برجوعه إلى الفقيه في حكم الماء المتغير بالنجاسة وافتائه إياه بالنجاسة يحصل له اليقين بنجاسته لان فتوى الفقيه بالنسبة إليه بعينه كالامارة القائمة لدى المجتهد على النجاسة في الحجية بمقتضى أدلة الافتاء والاستفتاء (وحينئذ) لو زال تغيره من قبل نفسه يشك قهرا في بقاء ذلك الحكم الكلي أعني النجاسة، وبعد رجوعه ثانيا إلى الفقيه في حكم المسألة وعدم افتائه بالنجاسة الواقعية بل واعلامه بعدم ظفره في هذا الحال بدليل يقتضى طهارته أو نجاسته، يستقر شكه قهرا، فيتوجه إليه حينئذ خطاب لا تنقض من جهة تحقق كلا ركنية بالنسبة إليه وهما اليقين السابق والشك اللاحق، غير أنه لما كان غير عارف بمضمون هذا الخطاب وما يقتضيه من الوظيفة الفعلية ينوب عنه المجتهد بمقتضى أدلة الافتاء والاستفتاء كنيابته عنه في التكاليف الواقعية
(٣)