المفسدة التي تبتني عليها الاحكام على مذهب العدلية (فهذا) أيضا بعد تسليم ان كل مفسدة ضرر، وتسليم مولوية هذا الوجوب العقلي، وتمامية الملازمة بين حكم العقل والشرع مبنى على كون موضوع الوجوب المزبور عند العقل مطلق الضرر ولو كان متداركا، والا فعلى فرض اختصاصه بالضرر غير المتدارك كما هو التحقيق فلا مجال لدعوى الوجوب المزبور، إذ حينئذ يمكن دعوى تدارك الضرر على فرض وجوده بمقتضى أدلة البراءة كحديث الرفع وغيره حيث إنه يستكشف من هذه الأدلة المرخصة تدارك الضرر وجبرانه على فرض وجوده كما هو الشأن في الشبهات الموضوعية الجارية فيها البراءة باتفاق الفريقين بل الشبهات الحكمية الوجوبية أيضا (الوجه الثاني) من تقريب العقل العلم الاجمالي، بتقريب انه قبل مراجعة الأدلة يعلم اجمالا بثبوت محرمات كثيرة في الشريعة فيجب بحكم العقل الجزمي الاجتناب عن كل ما يحتمل الحرمة تحصيلا للجزم بالفراغ لاقتضاء الاشتغال اليقيني بالتكليف البراءة اليقينية باتفاق المجتهدين والأخباريين، إذ لم يحصل بعد المراجعة إلى الأدلة والعمل بها ما يعلم معه الخروج عن عهدة تلك المحرمات الواقعية التي كلفنا الشارع بالاجتناب عنها (وفيه) انه لا تأثير لمثل هذا العلم الاجمالي بعد العلم بقيام طرق خاصة على مقدار من المحرمات التي يمكن انطباق المعلوم بالاجمال عليها خصوصا بعد أن ضم إليها موارد الأصول المثبتة الشرعية والعقلية كالاستصحاب وقاعدة الاشتغال، فإنه بذلك ينحل العلم الاجمالي ويخرج عن المنجزية فيرجع فيما عداها من الشبهات المشكوكة من قبل العلم الاجمالي إلى البراءة، وهذا المقدار مما لا اشكال فيه (وانما الكلام) في أن الانحلال المزبور حقيقي أو حكمي (وتنقيح المرام) يحتاج إلى تمهيد مقدمة وهي ان موضوع البحث في الانحلال الحقيقي أو الحكمي في المقام انما هو صورة قيام الطريق القطعي أو الظني المعتبر على التكليف في بعض الأطراف بلا عنوان بنحو قابل لانطباق المعلوم بالاجمال عليه، واما صورة قيام الطريق القطعي أو الظني على تعيين المعلوم بالاجمال وتشخيصه في بعض الأطراف بالخصوص فهو خارج عن محط البحث في الانحلال في المقام (فان الصورة الأولى) كانت راجعة إلى مقام انكشاف الواقع وتبدل
(٢٤٨)