احتج ابن أبان بوجهين:
أحدهما: ان العام لما عرض له التخصيص، صار مجازا، فلم يجز التعلق به.
[و] الثاني: ان اخراج البعض المعين، يجرى مجرى قوله: لم أرد الكل ولو قال ذلك، لمنع من التعلق بظاهره، فكذلك ما جرى مجراه.
وجواب الأول: سلمنا أنه مجاز بالنظر إلى تناول الكل، لكن لا نسلم أنه مجاز في تناول الباقي، فانا [قد] بينا انه متناول له في أصل الوضع، سمي مجازا أو لم يسم.
وجواب الثاني: انه قياس من غير جامع، والفرق بينهما: عدم امكان الوصول إلى المراد في الأولى، وامكان الوصول إليه في الثانية.
المسألة الثالثة: إذا ورد عام وخاص متنافيي الظاهر - كقوله عليه السلام: " في الرقة (1) ربع العشر " وقوله: " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة " - فاما أن يعلم تاريخهما أو يجهل فان علم: فأما أن يعلم اقترانهما، أو تقدم العام، أو تأخره، (فههنا) (2) أربعة مباحث:
الأول: إذا علم اقترانهما، بني العام على الخاص بلا خلاف.
الثاني: إذا تقدم العام وتأخر الخاص: فان كان ورد بعد حضور وقت العمل بالعام، فإنه يكون نسخا، وان كان قبله، كان تخصيصا للعام عند من يجيز تأخير بيان العام.
الثالث: إذا كان الخاص متقدما، والعام متأخرا، فعند الشيخ أبي جعفر ره يكون العام ناسخا، لأنه لا يجيز تأخير البيان. وقال الأكثرون: ان العام يبنى على الخاص، وهو الأظهر.
لنا: دليلان تعارضا، فلو عمل بهما لتناقضا، ولو عمل بالعام لألغي الخاص فيجب العمل بالخاص صونا لهما عن الالغاء.