أما المعقول: فقالوا لو لم يكن الاجماع (حجة) (1)، لاستحال اجماعهم عليه، كما يستحيل تواطؤهم على التلفظ بالعبارة الواحدة، والتحلي بالزي الواحد.
الثاني: أن اجماع الخلق العظيم على الحكم يستدعى دلالة أو امارة، و كلاهما حجة.
وجواب الأول: منع الملازمة، وابداء الفارق بأن صورة الوفاق مما يتساوى فيه الاحتمال وتختلف فيه الدواعي، وليس كذلك الاجماع على الحكم، لأنه قد يحصل (عن) (2) شبهة [ثم] تعم تلك الشبهة.
وجواب الثاني: منع الحصر، لجواز أن يجمعوا لشبهة.
ثم إن الوجهين منقوضان باجماع اليهود والنصارى، وغيرهم من الفرق الموفين على عدد المسلمين، فإنهم أجمعوا على كثير من الأباطيل.
وأما المتمسكون بالمنقول، فاستدلوا بوجوه:
الأول: قوله تعالى: " ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى و يتبع غير سبيل المؤمنين... الآية " (3)، فلو لم يكن كل واحد منهما محظورا لقبح الجمع بينهما، كما يقبح " من شاق الرسول وشرب ماءا، عاقبته " ومع ثبوت ذلك يكون اتباع غير سبيل المؤمنين محظورا، فيكون اتباع سبيلهم واجبا.
الثاني: قوله تعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " (4)، والوسط: العدل