عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ٣٦١

____________________
ثم ما ورد من الآثار الظاهرة في خلاف هذا ينبغي أن يأول بما يوافقه، كما قاله أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة في الخطبة التي أولها انتفعوا ببيان الله، ألا وان الظلم ثلاثة، فظلم لا يغفر، وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب.
فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك بالله قال الله تعالى: " ان الله لا يغفر ان يشرك به " (1).
وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات.
وأما الظلم لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضا.
القصاص هناك شديد. الخطبة (2).
وبالجملة ان المعتزلة يقولون: ان بعض القبائح المحرمة يرتفع استحقاق العقاب، عن مرتكبها بدون التوبة، بسبب الاجتناب عن بعض آخر، ولذا يسمونه صغيرة، ويسمون عدم العقاب عليه تكفيرا أو إحباطا أيضا. ويقولون:
انه يصير فاعله كمن لم يفعله في عدم الاستحقاق للعقاب، فلا يجوز اطلاق الفاسق عليه.
وأصحابنا الامامية يقولون: كل من فعل قبيحا يبقى رهينا بما كسب، ولا ينتفي عنه استحقاق العقاب عليه بدون التوبة، أو ما يجري مجرها، كفعل الطاعات بعده لقوله تعالى: " ان الحسنات يذهبن السيئات " (3) ولا ينفع اجتنابه عن الباقي، وليس فاعله كمن لم يفعله على حال، والا لزم الاغراء بالقبيح في المتنازع فيه، وهو ما عدا ذنب المقلد للحق كما مر، وسيجئ تحقيقه، وما عداها ما فعل مع المبالاة كما سيجئ أيضا، فيجوز اطلاق الفاسق واجراء

(١) النساء: ٤٨.
(٢) نهج البلاغة، شرح ابن أبي الحديد ١٠: ١٦ - ٣٣ خطبة رقم ١٨٧.
(٣) هود: ١١٤.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 355 356 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة مقدمة المؤلف 3
2 فصل في ماهية أصول الفقه وانقسامها وكيفية أبوابها 18
3 فصل في بيان حقيقة العلم وأقسامه ومعنى الدلالة وما يتصرف منها 45
4 فصل في ذكر أقسام أفعال المكلف 123
5 فصل في حقيقة الكلام وبيان أقسامه وجملة من أحكامه وترتيب الأسماء 138
6 فصل في ذكر ما يجب معرفته من صفات الله تعالى وصفات النبي صلى الله عليه وآله وصفات الأئمة عليهم السلام حتى يصح معرفة مرادهم 174
7 فصل في ذكر الوجه الذي يجب أن يحمل عليه مراد الله بخطابه 201
8 (الكلام في الأخبار) فصل في حقيقة الخبر وما به يصير خبرا وبيان أقسامه 230
9 فصل في ان الاخبار قد يحصل عندها العلم وكيفية حصوله وأقسام ذلك 239
10 في كيفية حصول العلم 243
11 فصل في ان الاخبار المروية ما هو كذب والطريق الذي يعلم به 276
12 فصل في ذكر الخبر الواحد وجملة من القول في أحكامه 286
13 رد أدلة من أوجب العمل بخبر الواحد 307
14 مذهب المصنف في الخبر الواحد 336
15 فصل في ذكر القرائن التي تدل على صحة أخبار الآحاد أو على بطلانها وما يرجح به الاخبار بعضها على بعض وحكم المراسيل (التعادل والتراجيح) 367