والجواب الثاني {1}: انه إذا كان القوم بحيث لم يتصل بهم الشريعة على وجه ينقطع العذر، وكانت المصلحة لهم في العمل بتلك الشريعة، فإنه لا يجوز ان يبعث إليهم الا معصوما لا يجوز عليه التغير والتبديل، ويظهر على يده علم معجز يستدلون به على صدقه، فإذا علموا صدقه وجب عليهم القبول منه. وعلى الوجهين جميعا سقط السؤال.
ثم يقال لهم: إذا كان القوم بحيث فرضتم من البعد، من أين يعلمون انهم متعبدون بوجوب قبول قول الرسل والرجوع إلى ما يقولونه في أحكام الشريعة؟ فلابد لهم من أن يحيلوا على جهة أخرى غير مجرد أقوالهم فنقول لهم مثل ذلك في سائر الاحكام، وسقط السؤال.
واستدلوا أيضا بأن قالوا: لا خلاف في أنه يجب على المستفتي الرجوع إلى المفتي مع تجويزه الغلط عليه، فكذلك أيضا يجب الرجوع إلى خبر الواحد وإن جوز على المخبر الغلط]
____________________
{1} قوله (والجواب الثاني الخ) هو الحق بحسب أصل الشريعة، بناءا على ما مر من أدلة العقل والنقل على عدم اتباع الظن، مع عدم حدث من الناس.