عدة الأصول (ط.ق) - الشيخ الطوسي - ج ١ - الصفحة ١٩٣

____________________
جائز، لأنه لا يحصل الالتباس، وههنا كذلك، فوجب أن لا يمتنع.
وروى عكرمة (1) عن ابن عباس (2) ان هارون عليه السلام مر بالسامري وهو يصنع العجل فقال: وما تصنع؟ قال: أصنع ما ينفع ولا يضر فادع لي، فقال:
اللهم اعطه ما سأل. فلما مضى هارون قال السامري: اللهم اني أسألك أن يخور فخار. وعلى هذا التقدير يكون ذلك معجزا للنبي صلى الله عليه واله (انتهى) (3).
والحق انه لو جعل خوار عجل السامري خوارا حقيقيا، أمكن أن يقال:
أنه مستمر التبعية لشرط معلوم بتوقيف سابق وقد مر عند قول المصنف (و جرى ذلك مجرى المعجزات) انه ليس أمثال ذلك من المعجز، ولو كان غير مستمر التبعية، لشرط معلوم بتوقيف سابق لم يجز عقلا أن يكون بعد دعواه الباطل، بل ولا بعد قصده إلى الباطل أيضا.
وحينئذ يمكن أن يحمل قوله تعالى: " قال فما خطبك يا سامري * قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي * قال فاذهب فان لك في الحياة أن تقول لا مساس " (4) الآية، على ان المراد: اني أخذت علم احياء الجماد من الأنبياء، فإنه قد أوحى إليهم انه كل من فعل كذا وكذا بشروط كذا وكذا، صار الجماد كذا وكذا حيا، وأخذت ذلك منهم، وهذا في الحقيقة معجزة للرسول الذي أوحى إليه ذلك.

(١) عكرمة مولى ابن عباس، أصله من البربر، وكان ممن ينتقل من بلد إلى بلد، مات سنة (١٠٧ ه‍.). وقيل غير ذلك.
(٢) أبو العباس، عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، توفى رسول الله صلى الله عليه وآله وله ثلاثة عشر سنة، مات سنة (٦٨ ه‍.).
(٣) التفسير الكبير ٢٢: ١٠٣ - ١٠٤.
(٤) طه: ٩٥ - 97.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست