ولان التعبد به انما يجوز إذا كان للمتعبد به طريق إلى معرفة مراده فيدعوه ذلك إلى فعل الواجب، أو يصرفه عن فعل القبيح، فأما إذا لم يكن كذلك فلا تحسن العبادة بالتلاوة. أيضا: فلو كان لمجرد التلاوة لم يحسن أن يجعل بعضه أمرا، وبعضه نهيا، وبعضه خبرا، وبعضه وعدا، وبعضه وعيدا، ولا أن يكون خطابا لقوم بأولى من أن يكون خطابا لغيرهم، وكل ذلك يبين انه لا يحسن لما قالوه. {1} فأما الذي يدل على انه لا يجوز أن يخاطب على وجه يقبح ما ثبت من كونه عالما بقبحه، ومن انه غنى عنه، ومن هذه صفته لا يجوز أن يفعل القبيح، ألا ترى أن من علم أنه إذا صدق توصل إلى مراده، وكذلك إذا كذب وصل إليه على حد ما كان {2} يصل]
____________________
{1} قوله (لما قالوه) وهو مجرد التعبد بالتلاوة.
{2} قوله: (على حد ما كان الخ) أي بدون تفاوت خارجي في شئ من الأشياء، من دفع ضرر، وجلب نفع. فالمراد بقوله (لم يجز أن يختار) عدم الجواز العقلي. أي يمتنع عقلا اختيار الكذب. ونظيره العلم القطعي بأن العاقل ما دام عاقلا يمتنع أن يفعل ما يفعله المجانين، من دون مصلحة تنضم إليه من خارج.
{2} قوله: (على حد ما كان الخ) أي بدون تفاوت خارجي في شئ من الأشياء، من دفع ضرر، وجلب نفع. فالمراد بقوله (لم يجز أن يختار) عدم الجواز العقلي. أي يمتنع عقلا اختيار الكذب. ونظيره العلم القطعي بأن العاقل ما دام عاقلا يمتنع أن يفعل ما يفعله المجانين، من دون مصلحة تنضم إليه من خارج.