وليس لاحد أن يقول: إن (1) المراد بلفظة (غير) هيهنا الاستثناء (2)، كأنه قال: (لا تتبع إلا سبيل المؤمنين)، كما يقول أحدنا لغيره: (لا تأكل غير هذا الطعام)، أي لا تأكل إلا هذا الطعام، و: لا تلق غير زيد، الذي يفهم منه (3) إيجاب لقائه (4).
وذلك أن لفظة (غير) هي بالصفة أحق (5) منها بالاستثناء، و إنما استثني بها في بعض المواضع تشبيها لها (6) بلفظة (إلا)، كما وصفوا في بعض المواضع بلفظة (إلا) تشبيها لها (7) بغير. وبعد، فلو احتملت لفظة (غير) الصفة والاستثناء احتمالا واحدا، وليس الامر كذلك، لكانوا يحتاجون في حملها على الاستثناء دون الصفة إلى دلالة. والذي يبين (8) الفرق بين ما جمعوا بينه أنه يحسن أن يقول أحدنا لغيره: (لا تأكل غير هذا الطعام ولا هذا الطعام) ولا يجوز أن يقول: (لا تأكل إلا هذا الطعام ولا تأكل هذا الطعام).