تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ٧٦
ومن الليل فاسجد له وبعض الليل فصل له ولعله صلاة المغرب والعشاء وتقديم الظرف لما في صلاة الليل من مزيد كلفة وخلوص وسبحه ليلا طويلا وتهجد له قطعا من الليل طويلا ان هؤلاء الكفرة يحبون العاجلة وينهمكون في لذاتها الفانية ويذرون وراءهم اي امامهم لا يستعدون أو ينبذون وراء ظهورهم يوما ثقيلا لا يعبأون به ووصفه بالثقل لتشبيه شدته وهوله بثقل شيء فادح باهظ لحامله بطريق الاستعارة وهو كالتعليل لما أمر به ونهى عنه نحن خلقناهم لا غيرنا وشددنا أسرهم اي أحكمنا ربط مفاصلهم بالأعصاب وإذا شئنا بدلنا أمثالهم بعد اهلاكهم تبديلا بديعا لا ريب فيه هو البعث كما ينبئ عنه كلمة إذا أو بدلنا غيرهم ممن يطيع كقوله تعالى يستبدل قوما غيركم وإذ للدلالة على تحقق القدرة وقوة الداعية ان هذه تذكرة إشارة إلى السورة أو الآيات القريبة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا اي فمن شاء ان يتخذ اليه تعالى سبيلا اي وسيلة توصله إلى ثوابه اتخذه اي تقرب اليه بالعمل بما في تضاعيفها وقوله تعالى وما تشاؤن الا أن يشاء الله تحقيق للحق ببيان أن مجرد مشيئتهم غير كافية في اتخاذ السبيل كما هو المفهوم من ظاهر الشرطية اي وما تشاؤن اتخاذ السبيل ولا تقدرون على تحصيله في وقت من الأوقات الا وقت مشيئته تعالى تحصيله لكم إذ لا دخل لمشيئة العبد الا في الكسب وانما التأثير والخلق لمشيئة الله عز وجل وقرئ يشاؤن بالياء وقرئ الا ما يشاء الله وقوله تعالى ان الله كان عليما حكيما بيان لكون مشيئته تعالى مبنية على أساس العلم والحكمة والمعنى أنه تعالى مبالغ في العلم والحكمة فيعلم ما يستأهله كل أحد فلا يشاء لهم الا ما يستدعيه علمه وتقتضيه حكمته وقوله تعالى يدخل من يشاء في رحمته بيان لأحكام مشيئته المترتبة على علمه وحكمته أي يدخل في رحمته من يشاء ان يدخله فيها وهو الذي يصرف مشيئته نحو اتخاذ السبيل اليه تعالى حيث يوفقه لما يؤدي إلى دخول الجنة من الايمان والطاعة والظالمين وهم الذين صرفوا مشيئتهم إلى خلاف ما ذكر أعد لهم عذابا أليما اي متناهيا في الايلام قال الزجاج نصب الظالمين لأن ما قبله منصوب اي يدخل من يشاء في رحمته ويعذب الظالمين ويكون أعد لهم تفسيرا لهذا المضمر وقرئ بالرفع على
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة