تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٩ - الصفحة ١٢٧
آياتنا الناطقة بذلك قال من فرط جهله واعراضه عن الحق الذي لا محيد عنه أساطير الأولين أي هي حكايات الأولين قال الكلبي المراد بالمعتدي الأثيم هو الوليد بن المغيرة وقيل النضر بن الحرث وقيل عام لكل من اتصف بالأوصاف المذكورة وقرئ إذا يتلى بتذكير الفعل وقرئ أإذا تتلي على الاستفهام الانكاري كلا ردع للمعتدي الأثيم عن ذلك القول الباطل وتكذيب له فيه وقوله تعالى بل ران على قلبوهم ما كانوا يكسبون بيان لما أدى بهم إلى التفوه بتلك العظيمة أي ليس في آياتنا ما يصح أن يقال في شأنها مثل هذه المقالات الباطلة بل ركب على قلوبهم وغلب عليها ما كانوا يكسبونها من الكفر والمعاصي حتى صارت كالصدأ في المرآة فحال ذاك بينهم وبين معرفة الحق كما قال صلى الله عليه وسلم ان العبد كلما أذنب ذنبا حصل في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه ولذلك قالوا ما قالوا والرين الصدأ يقال ران عليه الذنب وغان عليه رينا وغينا ويقال ران فيه النوم أي رسخ فيه وقرئ بادغام اللام في الراء كلا ردع وزجر عن الكسب الرائن انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فلا يكادون يرونه بخلاف المؤمنين وقيل هو تمثيل لإهانتهم بإهانة من يحجب عن الدخول على الملوك وعن ابن عباس وقتادة وابن أبي مليكة محجوبون عن رحمته وعن ابن كيسان عن كرامته ثم انهم لصالوا الجحيم أي داخلوا النار وثم لتراخي الرتبة فان صلى الجحيم أشد من الإهانة والحرمان من الرحمة والكرامة ثم يقال لهم توبيخا وتقريعا من جهة الزبانية هذا الذي كنتم به تكذبون فذوقوا عذابه كلا ردع عما كانوا عليه بعد ردع زجر إثر زجر وقوله تعالى ان كتاب الأبرار لفي عليين استئناف مسوق لبيان محل كتاب الأبرار بعده بيان سوء حال الفجار متصلا ببيان سوء حال كتابهم وفيه تأكيد للردع ووجوب الارتداع وكتابهم ما كتب من أعمالهم وعليون علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما أعملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع على فعيل من العلو سمي بذلك اما لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنة واما لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يسكن الكروبيون تكريما له وتعظيما والكلام في قوله تعالى
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة