تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٦ - الصفحة ١٨٥
والتشريق إلى المؤخر وقيل المراد بالسماء المظلة وفيها جبال من برد أن كما في الأرض جبالا من حجر وليس في العقل وما ينفيه من قاطع والمشهور أن الأبخرة إذا تصاعدت ولم تحللها حرارة فبلغت الطبق الباردة من الهواء وقوى البرد اجتمع هناك وصار سحابا وإن لم يشتد البرد تقاطر مطرا وإن اشتد فإن وصل إلى الأجزاء البخارية قبل اجتماعها نزل ثلجا وإلا نزل بردا وقد يبرد الهواء بردا مفرطا فينقبض وينعقد سحابا وينزل منه المطر أو الثلج وكل ذلك مستند إلى إدارة الله تعالى ومشيئته المبنية على الحكم والمصالح «فيصيب به» أي ما ينزله من البرد «من يشاء» أن يصيبه به فيناله ما يناله من ضرر نفسه وماله «ويصرفه عن من يشاء» أن يصرفه عنه فينجو من غائلته «يكاد سنا برقه» أي ضوء برق السحاب الموصوف بما مر من الإزجاء والتأليف وغيرهما وإضافة البرق إليه قبل الأخبار بوجوده فبه للإيذان بظهور أمره واستغنائه عن التصريح به وقرئ بالمد بمعنى الرفعة والعلو وبإدغام الدال في السين وبرقه يفتح الراء على أنه جمع برقه وهي مقدار على البرق كالغرفة وبضمها للاتباع لضمة الباء «يذهب بالأبصار» أي يخطفها من فرط الإضاءة وسرعة ورودها وفي إطلاق الأبصار مزيد تهويل لأمره وبيان لشدة تأثيره فيها كأنه يكاد يذهب بها ولو عند الاغماض وهذا من أقوى الدلائل على كمال القدرة من حيث إنه توليد للضد من الضد وقرئ يذهب من الإذهاب على زيادة الباء «يقلب الله الليل والنهار» بالمعاقبة بينهما أو ينقص أحدهما وزيادة الآخر أو بتغيير أحوالهما بالحر والبرد وغيرهما مما يقع فيهما من الأمور التي من جملها ما ذكر من إزجاء السحاب وما ترتب عليه «إن في ذلك» إشارة إلى ما فصل آنفا وما فيه من معنى البعد مع قرب المشار إليه للإيذان يعلو رتبته بعد منزلته «لعبرة» أي لدلالة واضحة على وجود الصانع القديم ووحدته وكمال قدرته وإحاطة علمه بجميع الأشياء ونفاذ مشيئته وتنزيهه عما لا يليق بشأن العلي «لأولي الأبصار» لكل من له بصير «والله خلق كل دابة» أي كل حيوان يدب على الأرض وقرئ خالق كل دابة بالإضافة «من ماء» وهو جزء مادة أو ماء مخصوص وهو النطفة فيكون تنزيلا للغالب منزلة الكل لأن من الحيوانات ما يتولد لا عن نطفة وقيل من ماء متعلق بداية وليس صلة الخلق «فمنهم من يمشي على بطنه» كالحية وتسمية حركها مشيا مع كونها زحفا بطريق الاستعارة أو المشاكلة «ومنهم من يمشي على رجلين» كالإنس والطير «ومنهم من يمشي على أربع» كالنعم والوحش وعدم التعريض لما يمشي على أكثر من أربع كالعناكب ونحوها من الحشرات لعدم الاعتداد بها وتذكير الضمير في منهم لتغليب العقلاء والتعبير عن الأصناف بكلمة من ليوافق التفصيل الإجمال والترتيب لتقديم ما هو أعرف في القدرة «يخلق الله ما يشاء» مما ذكر ومما لم يذكر بسيطا كان أو مركبا على ما يشاء من الصور والأعضاء
(١٨٥)
مفاتيح البحث: الضرر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (سورة طه) قوله تعالى: طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى. 2
2 قوله تعالى: منها خلقناكم وفيها نعيدكم الآية. 22
3 قوله تعالى: وما أعجلك عن قومك يا موسى. 33
4 قوله تعالى: وعنت الوجوه للحي القيوم الآية. 43
5 (سورة الأنبياء - الجزء السابع عشر) قوله تعالى: اقترب للناس حسابهم الآية. 53
6 قوله تعالى: ومن يقل منهم أني إله الآية. 64
7 قوله تعالى: وقد آتينا إبراهيم رشده الآية. 72
8 قوله تعالى: وأيوب إذ نادى ربه الآية. 81
9 (سورة الحج) قوله تعالى: يا أيها الناس اتقوا ربكم الآية. 91
10 قوله تعالى: هذان خصمان اختصموا في ربهم الآية. 101
11 قوله تعالى: إن الله يدافع عن الذين آمنوا الآية. 108
12 قوله تعالى: ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به الآية. 116
13 (سورة المؤمنون - الجزء الثامن عشر) قوله تعالى: قد أفلح المؤمنون. 133
14 قوله تعالى: هيهات هيهات لما توعدون. 134
15 قوله تعالى: ولو رحمناهم الآية. 145
16 (سورة النور) قوله تعالى: سورة أنزلناها وفرضناها الآية. 155
17 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا الآية. 164
18 قوله تعالى: الله نور السماوات والأرض الآية. 175
19 قوله تعالى: وأقسموا بالله جهد أيمانهم الآية. 188
20 (سورة الفرقان) قوله تعالى: تبارك الذي نزل الفرقان الآية 200
21 [الجزء التاسع عشر] قوله تعالى: وقال الذين لا يرجون لقاءنا الآية 210
22 قوله تعالى: وهو الذي مرج البحرين الآية. 225
23 (سورة الشعراء) قوله تعالى: طسم تلك آيات الكتاب المبين. 233
24 قوله تعالى: وأوحينا إلى موسى الآية 244
25 قوله تعالى: قالوا أنؤمن لك الآية 254
26 أوفوا الكيل ولا تكونوا الآية 262
27 (سورة النمل) قوله تعالى: طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين. 271
28 قوله تعالى: قال سننظر أصدقت الآية. 282
29 [الجزء العشرون] قوله تعالى: فما كان جواب قومه الآية 292
30 قوله تعالى: وإذا وقع القول عليهم أخرجنا الآية 300