الناس وهو يقول لما حضر آدم عليه الصلاة والسلام الوفاة قال يا رب سيشمت بي عدوي إبليس إذا رآني ميتا وهو منظر إلى يوم القيامة فأجيب أن يا آدم إنك سترد إلى الجنة ويؤخر اللعين إلى النظرة ليذوق ألم الموت بعدد الأولين والآخرين ثم قال لملك الموت صف كيف تذيقه الموت فلما وصفه قال يا رب حسبي فضج الناس وقالوا يا ابا إسحق كيف ذلك فأبى فألحوا فقال يقول الله سبحانه لملك الموت عقيب النفخة الأولى قد جعلت فيك قوة أهل السماوات السبع وأهل الأرضين السبع وإني ألبستك اليوم أثواب السخط والعضب كلها فانزل بغضبي وسطوتي على رجيمي إبليس فأذقته الموت واحمل عليه فيه مرارة الأولين والآخرين من الثقلين اضعافا مضاعفة وليكن معك من الزبانية سبعون ألفا قد امتلأوا غيظا وغضبا وليكن مع كل منهم سلسلة من سلاسل جهنم وغل من أغلالها وانزع روحه المنتن بسبعين ألف كلاب من كلاليبها وناد مالكا ليفتح أبواب النيران فينزل ملك الموت بصورة لو نظر إليها أهل السماوات والأرضين لماتوا بغتة من هولها فينتهي إلى إبليس فيقول قف لي يا خبيث لأذيقنك الموت كم من عمر أدركت وقرون أضللت وهذه هو الوقت المعلوم قال فيهرب اللعين إلى المشرق فإذا هو بملك الموت بين عينيه فيهرب إلى المغرب فإذا هو به بين عينيه فيغوص البحار فتنز منه البحار فلا تقبله فلا يزال يهرب في الأرض ولا محيص له ولا ملاذ ثم يقوم في وسط الدنيا عند قبر آدم ويتمرغ في التراب من المشرق إلى المغرب ومن المغرب إلى المشرق حتى إذا كان في الموضع الذي أهبط فيه آدم عليه الصلاة والسلام وقد نصبت له الزبانية الكلاليب وصارت الأرض كالجمرة احتوشته الزبانية وطعنوه بالكلاليب ويبقى في النزع والعذاب إلى حيث يشاء الله تعالى ويقال لآدم وحواء اطلعا اليوم إلى عدو كما كيف يذوق الموت فيطلعان فينظران إلى ما هو فيه من شدة العذاب فيقولان ربنا أتممت علينا نعمتك (قال رب بما أغويتني) الباء للقسم وما مصدرية والجواب (لأزينن لهم) أي أقسم بإغوائك إياي لأزينن لهم المعاصي (في الأرض) أي في الدنيا التي هي دار الغرور كقوله تعالى أخلد إلى الأرض وإقسامه بعزة الله المفسرة بسلطانه وقهره لا ينافي إقسامه بهذا فإنه فرع من فروعها وأثر من آثارها فلعله أقسم بهما جميعا فحكى تارة فسمه بهذا وأخرى بذاك أو للسببية وقوله لأزينن جواب قسم محذوف والمعنى بسبب تسببك لإغوائي أقسم لأفعلن بهم مثل ما فعلت بي من التسبب لإغوائهم بتزيين المعاصي وتسويل الأباطيل والمعتزلة أولوا الإغواء بالنسبة إلى الغي أو التسبب له بأمره إياه بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام واعتذروا عن إمهال الله تعالى وتسليطه له على إغواء بني آدم بأنه تعالى قد علم منه وممن تبعه أنهم يموتون على الكفر ويصيرون إلى النار أمهل أم لم يمهل وأن في إمهاله تعريضا لمن خالفه لاستحقاق مزيد الثواب (ولأغوينهم أجمعين) لأحملنهم على الغواية (إلا عبادك منهم المخلصين) الذين أخلصتهم لطاعتك وطهرتهم من الشوائب
(٧٨)