تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٧٣
فيها لغوا» أي فضول كلام لا طائل تحته وهو كناية عن عدم صدور اللغو عن أهلها وفيه تنبيه على أن اللغو مما ينبغي أن يجتنب عنه في هذه الدار ما أمكن «إلا سلاما» استثناء منقطع أي لكن يسمعون تسليم الملائكة عليهم أو تسليم بعضهم على بعض أو متصل بطريق التعليق بالمحال أي لا يسمعون لغوا ما إلا سلاما فيحث استحال كون السلام لغوا استحال سماعهم له بالكلية كما في قوله * ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب * أو على أن معناه الدعاء بالسلامة وهم أغنياء عنه من باب اللغو ظاهرا وإنما فائدته الإكرام وقوله تعالى «ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا» وأراد على عادة المتنعمين في هذه الدار وقيل المراد دوام رزقهم ودروره وإلا فليس فيها بكرة ولا عشى «تلك الجنة» مبتدأ وخبر جيء به لتعظيم شأن الجنة وتعيين أهلها فإن ما في اسم الإشارة من معنى البعد للإيذان يبعد منزلتها وعلو رتبتها «التي نورث» أي نورثها «من عبادنا من كان تقيا» أي نبقيها عليهم بتقواهم ونمتعهم بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به والوراثة أقوى ما يستعمل في التملك والاستحقاق من الألفاظ من حيث إنها لا تعقب بفسخ ولا استرجاع ولا إبطال وقيل يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا وأطاعوا زيادة في كرامتهم وقرئ نورث بالتشديد «وما نتنزل إلا بأمر ربك» حكاية لقول جبريل حين استبطأه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فلم يدر كيف يجيب ورجا أن يوحى إليه فيه فأبطأ عليه أربعين يوما أو خمسة عشر فشق ذلك عليه مشقة شديدة وقال المشركون ودعه ربه وقلاه ثم نزل ببيان ذلك وأنزل الله عز وجل هذه الآية وسورة الضحى والتنزيل النزول على مهل لأنه مطاوع للتنزيل وقد يطلق على مطلق النزول كما يطلق التنزيل على الإنزال والمعنى وما نتنزل وقتا غب وقت إلا بأمر الله تعالى على ما تقتضيه حكمته وقرئ وما يتنزل بالياء والضمير للوحي «له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك» وهو ما نحن فيه من الأماكن والأزمنة ولا ينتقل من مكان إلى مكان ولا نتنزل في زمان دون زمان إلا بأمره ومشيئته «وما كان ربك نسيا» أي تاركا لك يعني أن عدم النزول لم يكن إلا لعدم الأمر به لحكمة بالغة فيه ولم يكن لتركه تعالى لك وتوديعه إياك كما زعمت الكفرة وفي إعادة اسم الرب المعرب عن التبليغ إلى الكمال اللائق مضافا إلى ضميره عليه السلام من تشريفه والإشعار بعلة الحكم مالا يخفى وقيل أول الآية حكاية قول المتقين حين يدخلون الجنة مخاطبا بعضهم بعضا بطريق التبجح والابتهاج والمعنى وما نتنزل الجنة إلا بأمر الله تعالى ولطفه وهو مالك الأمور كلها سالفها ومترقيها وحاضرها فما وجدناه وما نجده من لطفه وفضله وقوله تعالى وما كان ربك نسيا تقرير لقولهم من وجهة الله تعالى أي وما كان ناسيا لأعمال العاملين وما وعدهم من الثواب عليها وقوله تعالى «رب السماوات والأرض وما بينهما» بيان لاستحالة النسيان عليه تعالى
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272