(وناديناه من جانب الطور الأيمن) الطور جبل بين مصر ومدين والأيمن صفة للجانب أي ناديناه من ناحيته اليمنى من اليمين وهي التي تلي يمين موسى عليه السلام أو من جانبه الميمون من اليمن ومعنى ندائه منه أنه له الكلام من تلك الجهة (وقربناه نجيا) تقريب تشريف مثل حاله عليه السلام بحال من قربه الملك لمناجاته واصطفاه لمصاحبته ونجيا أي مناجيا حال من أحد الضميرين في ناديناه أو قربناه وقيل مرتفعا لما روى أنه عليه السلام رفع فوق السماوات حتى سمع صريف القلم (ووهبنا له من رحمتنا) أي من أجل رحمتنا ورأفتنا له أو بعض رحمتنا (أخاه) أي معاضدة أخيه ومؤازرته إجابة لدعوته بقولة واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي لا نفسه لأنه كان أكبر منه عليهما السلام وهو على الأول مفعول لوهبنا وعلى الثاني بدل قوله تعالى (هارون) عطف بيان له وقوله تعالى (نبيا) حال منه (واذكر الكتاب إسماعيل) فصل ذكره عن ذكر أبيه وأخيه لإبراز كمال الاعتناء بأمره بإيراده مستقلا وقوله تعالى (إنه كان صادق الوعد) تعليل لموجب الأمر وإيرادك عليه السلام بهذا الوصف لكمال شهرته به وناهيك أنه وعد الصبر على الذبح بقوله ستجدني إن شاء الله من الصابرين فوفي (وكان رسولا نبيا) فيه دلالة على أن الرسول لا يجب أن يكون صاحب شريعة فإن أولاد إبراهيم عليه السلام كانوا على شريعته (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة) اشتغالا بالأهم وهو أن يقبل الرجل بالتكميل على نفسه ومن هو أقرب الناس إليه قال تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين وأمر أهلك بالصلاة قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقصدا إلى تكميل الكل بتكميلهم لأنهم قدوة يؤتسى بهم وقيل أهله أمته فإن الأنبياء عليهم السلام آباء الأمم (وكان عند ربه مرضيا) لاتصافه بالنعوت الجليلة التي من جملتها ما ذكر من خصاله الحميدة (واذكر في الكتاب إدريس) وهو سبط شيث وجد أبي نوح فإنه نوح بن لمك بن متو شلح بن أخنوخ وهو إدريس عليه السلام واشتقاقه من الدرس يرده منع صرفه نعم لا يبعد أن يكون معناه في تلك اللغة قريبا من ذلك فلقب به لكثرة دراسته روى أنه تعالى أنزل عليه ثلاثين صحيفة وأنه أول من حط بالقلم ونظر في علم النجوم والحساب (إنه كان صديقا) ملازما للصدق في جميع أحواله (نبيا) خبر آخر لكان مخصص للأول إذ ليس كل صديق نبيا
(٢٧٠)