قوله تعالى إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وقيل المراد به الدعاء بالمد والتنفيس وعلى اعتبار الاستقرار في الضلال لما أن المد لا يكون إلا للمصرين عليها إذ رب ضال يهديه الله عز وجل والتعرض لعنوان الرحمانية لما أن المد من أحكام الرحمة الدنيوية وقوله تعالى «حتى إذا رأوا ما يوعدون» غاية للمد الممتد لا لقول المفتخرين كما قيل إذ ليس فيه امتداد بحسب الذات وهو ظاهر ولا استمرار بحسب التكرار لوقوعه في حيز جواب إذا وجمع الضمير في الفعلين باعتبار معنى من كما أن الأفراد في الضميرين الأولين باعتبار لفظها وقوله تعالى «إما العذاب وإما الساعة» تفصيل للموعود بدل منه على سبيل البدل فإنه إما لعذاب الدنيوي بغلبة المسلمين واستيلائهم عليهم وتعذيبهم إياهم قتلا وأسرا وإما يوم القيامة وما نالهم فيه من الخزي والنكال على طريقة منع الخلو دون منع الجواب فإن العذاب الأخروي لا ينفك عنهم بحال وقوله تعالى «فسيعلمون» جواب الشرط والجملة محكية بعد حتى أي حتى إذا عاينوا ما يوعدون من العذاب الدنيوي أو الأخروي فقط فسيعلمون حينئذ «من هو شر مكانا» من الفريقين بأن يشاهدوا الأمر على عكس ما كانوا يقدرونه فيعلمون أنهم شر مكانا لا خير مقاما «وأضعف جندا» أي فئة وأنصار ألا أحسن نديا كما كانوا يدعونه وليس المراد أن له ثمة جندا ضعفاء كلا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا وإنما ذكر ذلك ردا لما كانوا يزعمون أن لهم أعوانا من الأعيان وأنصارا من الأخيار ويفتخرون بذلك في الأندية والمحافل «ويزيد الله الذين اهتدوا هدى» كلام مستأنف سيق لبيان حال المهتدين إثر بيان حال الضالين وقيل عطف على فليمدد لأنه في معنى الخبر حسبما عرفته كأن قيل من كان في الضلالة يمده الله ويزيد المهتدين هداية كقوله تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى وقيل عطف على الشرطية المحكية بعد القول كأنه لما بين أن إمهال الكافر وتمتيعه بالحياة ليس لفضله عقب ذلك ببيان أن قصور حظ المؤمن منها ليس لنقصه بل لأنه تعالى أراد به ما هو خير من ذلك وقوله تعالى «والباقيات الصالحات خير» على تقديري الاستئناف والعطف كلام مستأنف وارد من جهته تعالى لبيان فضل أعمال المهتدين غير داخل في حيز الكلام الملقن لقوله تعالى «عند ربك» أي الطاعات التي تبقى فوائدها وتدوم عوائدها ومن جملتها ما قيل من الصلوات الخمس وما قيل من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خير عند الله تعالى والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره لتشريفه صلى الله عليه وسلم «ثوابا» أي عائدة مما يتمتع به الكفرة من النعم المخدجة الفانية التي يفتخرون بها لا سيما ومآلها النعيم المقيم ومآل هذه الحسرة السرمدية والعذاب الأليم كما أشير إليه بقوله تعالى «وخير مردا» أي مرجعا وعافية وتكرير الخير لمزيد الاعتناء ببيان الخيرية وتأكيد لها وفي التفضيل مع أن ما للكفرة بمعزل من أن يكون له خيرية في العاقبة تهكم بهم «أفرأيت الذي
(٢٧٨)