تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨
وإبراز الاعتناء بأمره «قال» استئناف مبني على سؤال نشا من صدر الكلام كأنه قيل فماذا قال أبوه عندما سمع منه عليه السلام هذه النصائح الواجبة القبول فقيل قال مصرا على عناده «أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم» أي أمعرض ومنصرف أنت عنها بتوجيه الإنكار إلى نفس الرغبة مع ضرب من التعجب كأن الرغبة عنها مما لا يصدر عن العاقل فضلا عن ترغيب الغير عنها وقوله «لئن لم تنته لأرجمنك» تهديد وتحذير عما كان عليه من العظة والتذكير أي والله لئن لم تنته عما كنت عليه من النهي عن عبادتها لأرجمنك بالحجارة وقيل باللسان «واهجرني» أي فاحذرني واتركني «مليا» أي زمانا طويلا أو مليا بالذهاب مطيقا به «قال» استئناف كما سلف «سلام عليك» توديع ومتاركة على طريقة مقابلة السيئة بالحسنة أي لا أصيبك بمكروه بعد ولا أشافهك بما يؤذيك ولكن «سأستغفر لك ربي» اي أستدعيه أن يغفر لك بأن يوفقك للتوبة ويهديك إلى الإيمان كما يلوح به تعليل قوله تعالى واغفر لأبي بقوله تعالى إنه كان من الضالين والاستغفار بهذا المعنى للكافر قبل تبين أنه يموت على الكفر مما لا ريب في جوازه وإنما المحظور استدعاء المغفرة له مع بقائه على الكفر فإنه مما لا مساغ له عقلا ولا نقلا وأما الاستغفار له بعد موته على الكفر فلا تأباه قضية العقل وإنما الذي يمنعه السمع ألا يرى إلى أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب لا أزال أستغفر لك ما لم أنه عنه فنزل قوله تعالى «ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين» الآية والاشتباه في أن هذا الوعد من إبراهيم عليه السلام وكذا قوله لأستغفرن لك وما ترتب عليهما من قوله واغفر لأبي الآية إنما كان قبل انقطاع رجائه عن إيمانه لعدم تبين أمره لقوله تعالى فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه كما مر في تفسير سورة التوبة واستثناؤه عما يؤتسى به في قوله تعالى إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك لا يقدح في جوازه لكن لا لأن ذلك كان قبل ورود النهي أو لموعدة وعدها إياه كما قيل لما أن النهي إنما ورد في شأن الاستغفار بعد تبين الأمر وقد كان استغفاره عليه السلام قبل التبين فلم يتناوله النهي أصلا وأن الوعد بالمحظور لا يرفع خطره بل لأن المراد بما يؤتسى به ما يجب الائتساء به حتما لورود الوعيد على الإعراض عنه بقوله تعالى لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد فاستثناؤه عن ذلك إنما يفيد عدم وجوب استدعاء الإيمان للكافر المرجو إيمانه لا سيما وقد انقطع ذلك عند ورود الاستثناء وذلك مما لا يتردد فيه أحد من العقلاء وأما عدم جوازه قبل تبين الأمر فلا دلالة للاستثناء عليه قطعا وتوجيه الاستثناء إلى العدة بالاستغفار لا إلى نفس الاستغفار بقوله واغفر لأبي الآية لأنها كانت هي الحاملة له عليه السلام عليه وتخصيص تلك العدة بالذكر دون ما وقع ههنا لورودها على نهج التأكيد القسمي واما جعل الاستغفار دائرة عليها وترتيب التبرؤ على تبين الأمر فقد مر تحقيقه في تفسير سورة التوبة وقوله «إنه كان بي حفيا» أي بليغا في البر والألطاف تعليل لمضمون ما قبله
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سورة الرعد 2
2 قوله تعالى: وإن تعجب فعجب قولهم أئذا كنا ترابا أ إنا لفي خلق جديد. 6
3 قوله تعالى: أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب. 16
4 قوله تعالى: مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم و ظلها تلك عقبى الذين اتقوا. 25
5 سورة إبراهيم 30
6 قوله تعالى: قالت رسلهم أفي الله شك فاطر السماوات والأرض. 36
7 قوله تعالى: ألهم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار. 45
8 الجزء الرابع عشر (سورة الحجر) قوله تعالى: الر تلك آيات الكتاب وقرآن مبين. 63
9 قوله تعالى: نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم و أن عذابي هو العذاب الأليم. 80
10 (سورة النحل) قوله تعالى: أتى أمر الله فلا تستعجلوه. 94
11 قوله تعالى: وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة. 110
12 قوله تعالى: وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فارهبون. 119
13 قوله تعالى: ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا. 129
14 قوله تعالى: إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. 136
15 قوله تعالى: يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها و توفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون. 144
16 الجزء الخامس عشر (سورة الإسراء) قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير. 154
17 قوله تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا. 166
18 قوله تعالى: وقل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا مما يكبر في صدوركم. 177
19 قوله تعالى: ولقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر والبحر و رزقناهم من الطيبات. 186
20 قوله تعالى: أولم يروا أن الله خلق السماوات والأرض قادر على أن يخلق مثلهم. 197
21 (سورة الكهف) 202
22 قوله تعالى: وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين. 211
23 قوله تعالى: واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب و حففناهما بنخل. 221
24 قوله تعالى: ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم. 228
25 الجزء السادس عشر قوله تعالى: قال ألم أقل لك إنك تستطيع معي صبرا. 236
26 قوله تعالى: وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا. 247
27 (سورة مريم عليها السلام) 252
28 قوله تعالى: فحملته فانتبذت به مكانا قصيا. 261
29 قوله تعالى: فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف تلقون غيا. 272